استيقظتُ على اتصالٍ هاتفي من إحدى قريباتي.. أصبحنا وأصبح الملك لله، بدأتُ نهاري بتلقي الشكاوى، وكأنني برنامج الخط المباشر.
قالَت بضجر: لم أعُد أحتمل ضغوطات الحياة بين العمل والأولاد. وجدتُ نفسي أرد عليها بكل هدوء: إذن استقيلي.. لحظات صمتٍ نبَّهتني أن ما قلته لم يكن لطيفاً بما فيه الكفاية.
ما علينا، أنهيتُ هندامي.. التقطتُ حقيبتي.. دخلتُ المصعد.. نظرتُ في المرآة إلى الجاكيت الرسمي الذي أرتديه «لزوم العمل»، حتى اقتحمت المكان إحدى الجارات.. حدقتُ فيها من وراء عدسات نظارتي وقلت لها: فرق كبير بين ثياب العمل و«الصبحية»، فأجابت: لولا هذه «الصبحية» لانفجرت من مشاكل الأطفال.
ها أنا أتلقى شكوى أخرى بعد دقائق.
ما علينا، دقائق واستقبل المصعد جارة أخرى تضع يدها على بطنها، وبدلاً من صباح الخير قالت: حياة المرأة كلها عناء، تعبتُ من الحمل، لم أنم طوال الليل. لم يسعني الوقت لمساندتها حتى توقف المصعد، وأطلت جارة التقيت بها سابقاً، وسألتني فوراً: هل لديكم أي شواغر، مللت من الجلوس في المنزل. كنت أتمنى أن أعطيها رقم قريبتي التي أيقظتني صباح اليوم تشتكي من العمل والأبناء، فربما تبادلتا الأدوار، وانتبهت حينها أنني تلقيت أربع شكاوى في وقت قياسي.
ما علينا.. وصل المصعد أخيراً إلى الطابق الأرضي.. وتفرقت الجارات كلٌّ في طريقها.
ذهبت إلى عملي وأنا أفكر في حال البشر، فجأة، سمعت صوت رنين «الواتساب»، فاجأتني تلك الرسالة من شخص عزيز كتب فيها «إن كان لديك عائلة تحبك، وبعض الأصدقاء الطيبين، وطعام على المائدة، وسقف فوق رأسك، فأنت أغنى مما تتصور، الحمد لله دائماً وأبداً».. أعدت إرسالها لقريبتي، وكنت أتمنى لو أمتلك أرقام جاراتي حتى أعيد إرسالها لهن.