نحتاج أن نفعل الكثير تجاه الشباب، أن نفعل الأنشطة، أن نخطط المبادرات الهادفة إلى رعايتهم وتنمية مواهبهم واحتضان رؤاهم، نحتاج أن تتغير كثير من كلاسيكيات العمل باتجاه الشباب، باعتبار أن الأطر القديمة قد عفا عليها الدهر، ولم يعد لها تأثير في واقع الشباب، الواقع الجديد والمتجدد. فالشاب العصري اليوم حينما تلتقيه، تجد لديه اختلافاً كبيراً في الأسلوب ومنطق التفكير، ونحن هنا نتحدث عن الشاب ذي النظرة الإيجابية، لهذا تجده وكأنه في واد وما حوله في واد آخر.

مؤسسات كثيرة يتقاطع عملها وقطاع الشباب، تكشف لك العلاقة بينهما أن هناك ثغرة وحلقة مفقودة في التواصل وتحقيق الرغبات، والسبب أن إيقاع واطر آليات العمل والبرامج ما زالت تتكلس بأساليب قديمة، فيما يتجاوز الشباب اليوم وباستمرار المراحل لكونهم جيل العصر، جيل اليوم، جيل الاختصار، جيل الفهم السريع، الجيل الذي ليس لديه وقت للمكوث طويلا أمام نقطة واحدة يلف ويدور حولها.. لهذا يطفش الشباب ويكش من كثير من البرامج التي يراها بالنسبة له متخلفة ومتأخرة عن الركب. إن الانتباه إلى وعي الشباب وإيقاعهم العصري، أمر ضروري في رسم ووضع استراتيجيات البرامج التي تستهدفهم.

أسوق مثلا بسيطا، لكن دلالاته كبيرة في مسألة تلبية احتياجات الشباب ومواكبة إيقاعهم السريع، وبمناسبة هذا الحديث، فإن هناك مناسبة اليوم، هي انطلاق الدورة الخامسة من مهرجان دبي لمسرح الشباب، حيث 11 فريقاً من الشباب يتنافسون على جوائز »أبو الفنون«، المسرح.. وهذه الفرق التي تضم اليوم في عضويتها أكثر من 60 شاباً وشابة.

لم يكتب لها أن ترى النور على منصة المسرح، لولا انتباه هيئة دبي للثقافة والفنون لهم ولحالهم.. فهؤلاء كانوا ولسنوات طويلة يعيشون على هامش فعاليات المسرح، وهامش الفرق المسرحية الأهلية، حيث يستحوذ الكبار على هذه الفرق.. فيما يرى الشاب الجديد في انضمامه إلى الفرقة، أنه في آخر الاهتمامات..

عندما نظمت هيئة دبي للثقافة والفنون وتبنت إقامة مهرجان سنوي للشباب الهواة، كان الهدف وضع أساليب جذب ورعاية لهؤلاء المهمشين، وبعد خمس سنوات، هي عمر مهرجان دبي لمسرح الشباب، صار هناك كتاب مسرحيون شباب، صار هناك مخرجون شباب، صار هناك ممثلون شباب، وعلى هامشهم نمت اختصاصات أخرى لها علاقة بالفن المسرحي.. سر النجاح هذا، هو أن هيئة دبي للثقافة والفنون، دفعت بأفكار جديدة، وفتحت مساحات جديدة، وكسرت النمط السائد في التعامل مع الشباب.

هذا مثال بسيط من أمثلة ناجحة هنا وهناك في التعامل مع استيعاب التطلعات الشبابية، فما بالنا لو أن التركيز على جيل الشباب طال المرافق كلها، ألن نساهم بشكل فاعل في تجسير الهوة بين ادعاءات بالية وبين جيل ينطلق بسرعة الصاروخ نحو كل ما هو طليعي وحديث