لا يمكن أن تقضي على الجريمة في أي مجتمع، مع أن الشرطي اليوم أصبح مدججاً ومسلحاً بالعلم وبالتقنية، وعلم الجريمة تطور وتجاوز المراحل حيث أصبح لديه القدرة على استشفاف مستقبلها، الأمر الذي أفرز مصطلح تجفيف منابع الجريمة، والوصول إلى المجرم قبل ارتكاب جريمته.

أصبح في العلوم الشرطية وعلم الجريمة ما يمكن الإفادة منه للوصول إلى مجتمع تنخفض فيه معدلات الجريمة إلى مستويات تكاد تكون عندها معدومة. ولهذا يتفاءل الإنسان وهو ينشد أمانه الشخصي وأمان مجتمعه، بأن المجتمع الفاضل بالإمكان الطموح إليه بالعلم والمعرفة والوسائل والتقنيات.

في فترة الشهرين الماضيين، لا أعرف لماذا كانت عيني تزيغ صوب أخبار الشرطة وأخبار المؤتمرات الصحافية التي تفصح فيها عن إلقاء القبض على عصابة، أو مجموعة من المجرمين. لكنه الفضول الإيجابي الذي يسعى لمعرفة ما يدور خلف الكواليس وتحت ساتر الظلام. مرعبة هي القصص التي تسوقها أخبار القبض على العصابات، ففي خلال الشهرين الماضيين، أوقف رجالنا الأشداء شحنات كبيرة من الحبوب والمخدرات الخطرة، من عصابات وأفراد كانوا يحاولون إدخالها إلى الوطن، أو العبور منه إلى بلدان أخرى، بمعنى آخر كنا مستهدفين لنكون محطة، وعرضه أيضاً لهذه السموم القاتلة.

ما شدّني أنه - وفي معيار الشرطة الرقابي على حركة هذه العصابات - هل كنا مستهدفين في الفترة الأخيرة بموجات من العصابات والمجرمين، وبشكل مكثف حيث تلاحقت سلسلة القبض على تلك العصابات؟ وما نهاية هذا الاستهداف؟ هل هو قدرنا وسيبقى كذلك؟! تقذف علينا الموانئ والمطارات المجرمين بسمومهم وإجرامهم؟ هل هو قدر هذه البلاد الطيبة التي تفتح قلبها للقاصي والداني بكل حب، وتتوسم فيه الخير؟ أم أن خللاً ما يجعل ثغرة المرور قائمة وباقية؟

هل لأننا أصبحنا نزيد على الملايين السبعة في تعدادنا وتعداد من تحتضنهم البلاد، وسوادهم الأعظم بثقافات متدنية؟ هل هي ضريبة التركيبة الغريبة التي ابتليت بها شوارعنا؟ أم الحمل زاد؟ وبدأ الكيل يطفح؟

هذه استفهامات بسيطة، لا أنقلها إلى أحد، لكن تغالب الغيرة قلب أي مواطن يرى طهارة تراب وطنه تدنس هكذا. وشعور يتنامى بالخوف، من أن الطرقات الآمنة الوادعة قد تلقي بالضباع والكلاب الضالة لتنهش المارين.