في مناسبات عديدة كان الحديث عن آثار الدولة والاهتمام بها وتسجيلها في القائمة الدولية لكي تصبح لها أرقام تحفظها من السرقة والفقدان والضياع، والتسريع في صدور قانون اتحادي مفصل في شأنها، والعمل على تنسيق العمل بين إدارات الآثار في الإمارات، والرقابة على البعثات الآثارية التي تزورنا وتمنح حق التنقيب، كان حديثا يؤمل على جهة واحدة يكون بيدها شؤون الآثار كلها، ولها سلطاتها الرقابية والتنفيذية، وتكون ضالعة بما يخولها القانون حماية الآثار والتعريف بها.

وفي العديد من اللقاءات التي جمعتني بآثاريين مواطنين، لمست تلك الرغبة الكبيرة من قبلهم في ضرورة تنسيق الجهود تحت مظلة مؤسسة اتحادية، تردم الهوة بين الاختلافات في التعاملات بين هيئة وهيئة في كل إمارة. هؤلاء الشباب كانوا يحملون هموما كبيرة، وبعض التوجسات من أساليب عمل بعض البعثات الآثارية التي مرت علينا.

فهناك آثار نادرة كانت تذهب للفحص ولا تعود، وهناك تقارير آثارية ودراسات تذهب معطياتها ولا يعود منها إلا البسيط والقليل، بمعنى آخر كان لدى هؤلاء الشباب الذين يضعون أيديهم على قلوبهم وهم ينقبون عن كنوزنا التاريخية، الكثير من الملاحظات على العمل الإداري والفني والتقني للهيئات التي تحملت مسؤولية الآثار.

ما أعادني إلى حكاية هم الآثار هو القرار الذي أصدره المجلس الوطني للسياحة والآثار والذي نطالب بمزيد من الصلاحيات له، وبمزيد من السلطات، تشكيل فريق وطني للمسح والتنقيب الأثري، وهذا يعني ما يعني في مسألة وضع اليد على آثارنا التي بقيت جزءا من أسرارها ولسنوات طويلة، في قبضة البعثات، التي تأتي وتذهب.

هذا الفريق الوطني، بلا شك سيحملنا الطموح معه، لأن يدخل العمل الآثاري معه في مرحلة جديدة من الاهتمام والرعاية، فالسنوات التي مضت، والتي أسفرت بلا شك عن جهود لا يمكن الاستهانة بها في الكشف عن تاريخ الوطن وكنوزه في مجالات التنقيب، كان ينقصها الكثير في مسألة توطين العمل، وها نحن نضع أيدينا للمرة الأولى من خلال هذا الفريق الوطني الذي نأمل أن يسد تلك الثغرات وان يبدأ المرحلة الثانية من الاهتمام بالآثار والمواقع الأثرية وبتشجيع السياحة لها. وبالتعامل معها بشكل حضاري، يرقى إلى كنوزها وما تحتويه من معارف.

وهذا الأمر هو ما أشار إليه عبد الرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع خلال اجتماعه بأعضاء المجلس الوطني مؤخرا، حيث أكد أن العمل السياحي والأثري بالدولة بحاجة إلى مزيد من الجهد في الفترة المقبلة خصوصاً في ظل توقعات دولية بنمو مطرد لقطاع السياحة على مستوى العالم.

آثارنا ومواقعها وأساليب عرض كنوزها والترويج ونشر ما صدر عنها من أبحاث، وربط الأجيال بها، وعلاقتها بالمناهج الدراسية، وعلاقتها بالسياحة الداخلية، وعلاقة ثقافة المواطن بتاريخه، كلها أمور نعول كثيرا على استثمارها من قبل دور بارز لمجلس الآثار، مثلما نستبشر ونعول على ما سينجزه فريق التنقيب الوطني الذي تم تشكيله.