فرضت ضريبة القيمة المضافة واوجدت واقعا جديدا علينا التعايش معه. بيدنا يمكن أن تكون الضريبة عبئا يضاف الى الأعباء التي حمّلنا أنفسنا بها وصارت همّا يلازمنا في صباحنا ومسائنا، مثل الديون التي ذهب أكثرنا إليها بقدميه ليشتري وجاهة وهمية أو يتخيل غنى بلا جهد أو عمل، حتى غرق في وحلها.
وبيدنا يمكن أن تكون الضريبة سببا لتغيير المسار في ثقافتنا الاستهلاكية، وموجها لسلوك جديد يزن الأمور وفق الحاجة ويضع كل شيء في مكانه، وينقلنا من حياة الهدر وصرف ما في الجيب إلى حياة التقدير المدروس ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
الضرائب شيء جديد على مجتمعنا، ودخول ضريبة القيمة المضافة في معظم تفاصيل علاقتنا بالسوق يشكل نقلة لا يزال أكثرنا يجهل تداعياتها. وربما هذا ما جعل الضجيج يزداد مع اقتراب تطبيق الضريبة على الجمهور. ولهذا الضجيج وجه إيجابي رفع من وتيرة الأسئلة حول ماذا وكيف؟
ولقيت الأسئلة العديد من الإجابات بشأن آلية التطبيق والشروط، وتواردت المعلومات، واستحدثت ثقافة جديدة لدى الناس في كيفية الحفاظ على حقوقهم عند البيع والشراء. ولكن الضجيج زاد قليلا لدى شرائح واسعة من الناس خوفا من تداعيات الضرائب على مستوى حياتهم. وكثير من هذا الخوف غير مبرر لو عرفنا كيف نستقبل ظرفا جديدا بفهم جديد وعقلية مختلفة.
إذا كانت التحديات تعني عند طلاب النجاح فرصاً، فالضرائب يمكن أن تكون بالنسبة لنا بمثابة فرصة لإعادة النظر في الكثير من عاداتنا الشرائية، وإصلاح الكثير من الخلل الذي أصاب نمط حياتنا بفعل الطفرة المعيشية، وإعادة تحديد أولوياتنا بعيدا عن التخبط الذي يقع فيه أكثرنا.
والفرصة مواتية للتحول إلى طريقة العيش والاستهلاك الذكي الذي ظل الكثير منا يعتبره نوعا من الحرص الزائد أو ربما البخل. وحول كل ذلك تحوم فكرة حفظ النعمة والرجاء باستدامة الرخاء والعيش الكريم بشرط التعامل المسؤول مع هذه النعم.
التغيير سنّة الحياة، وفرض الضرائب جزء من فرض المسؤولية الاجتماعية والمشاركة المجتمعية، والتكيف مع التغيير بشكل إيجابي يصنع المزيد من الفرص لنمط حياة ومستوى معيشي أفضل، لأنه يصنع وعيا بأن المعيشة ليست سلعا فقط وإنما حياة شاملة تتحمل عبء تحقيقها الحكومة والمجتمع في آن.