لا شك في أن سواد أهل اليمن يريدون لبلادهم السلام والاستقرار، ليعيشوا في هدوء وحياة كريمة، كحال كل الشعوب المستقرة، المنشغلة بلقمة العيش ودفء المسكن وتعليم العيال والتفكير في المستقبل، والمشاركة في بناء وازدهار الوطن.

هؤلاء هم الناس البسطاء، عموم أهل اليمن الذين اختطفت أحلامهم، وسرقت طفولة صغارهم، وسيق شبابهم ليكونوا وقود نيران أشعلها أمراؤهم، ولا تزال تستعر كلما اقترب الظن بإطفائها.

السؤال للجهات المتحاربة والأطراف المتنازعة وأصحاب الولاءات المتباينة. ماذا تريدون؟ فالوطن الواحد أصبح كيانات تتصرف فيها الطائفة والقبيلة والحزب والولاءات الظاهرة والباطنة.

والبطون الخاوية أصبحت تعبأ بالبارود والرصاص، والمدارس تحولت إلى معسكرات لتجنيد الأطفال، والسعادة التي كانت عنوان أهل اليمن صارت بؤساً وفقراً وجهلاً، والفساد الذي أشهر كل الفرقاء سيوفهم وأقلامهم لمحاربته والمطالبة باجتثاثه أصبح ثقافة أصيلة في برامج عملهم ولوائح سلوك قادتهم وأتباعهم. فماذا بقي لليمن ولشعب اليمن؟

اليوم، وبعد أن اقترب المشروع الإيراني في اليمن من السقوط والانهيار، وبدأت الدائرة تضيق على الانقلابيين الحوثيين، بجهود ودماء وتكاليف باهظة قدمتها دول التحالف العربي، واقتربت ساعة استعادة اليمن لهويته وشرعيته، تماهت الولاءات الحزبية والجهوية، وتدخلت النزعات الانفرادية، لتخلط الأوراق وتبعثر الجهود وتشتت المساعي عن تحقيق الهدف الأكبر والأهم المتمثل في استعادة اليمن من أيدي الإيرانيين وأتباعهم.

في كل ميادين الحروب هناك زعامات وأطراف مستفيدة ترتزق من رماد نيرانها وتكبر على جماجم ضحاياها. هؤلاء يندسون في ثنايا كل الأطراف، يتلونون حسب المصلحة، ويجارون الأوضاع ما دامت تسير وفق الأجندة، ويكونون مستعدين لتعطيل أي جهد لإخماد الحرائق ووقف الاقتتال.

هؤلاء يعملون إما تحت لافتة الولاء المناطقي أو القبلي أو الحزبي، ولكنهم على استعداد لبيع كل الولاءات وتبديل الانتماءات وتغيير الوجهات ليضمنوا استمرار فرض إراداتهم وتحقيق مصالحهم، وإن كان الثمن دمار الأوطان.

وفي الساحة اليمنية تبدو هذه الصورة واضحة الخطوط فاقعة الألوان لا تحتاج إلى عناء تأويل أو جهد تفسير. محاصصة تتهافت عليها الأطراف، وغنائم يتسابقون لجمعها، ومساومات تزايد على عروض المزادات، وعمليات ابتزاز لتغيير المواقف وتبديل الكراسي. هؤلاء هم مشكلة اليمن وألمه المزمن الذين لا يريدون له العافية.