في السعادة، ربما تتلاقى مفاهيم الناس عند المعنى العام للكلمة في اللغة، اختصاراً «راحة البال»، وتتشعب الآراء والقناعات بعد ذلك في الاصطلاح، على رأي علماء التفسير. وللناس في فهم السعادة مذاهب.
راحة البال ربما تأتي بجني المزيد من المال. هذا الرأي قد نسمعه ممن حرم من المال، أو ذلك الذي زاغ بصره وانحسرت قناعة نفسه فظن أن في الثروة جبراً لخاطره وجلاء لكل همومه، وعلاجاً لكل آلامه وأمراضه. وربما يكون لبعض أصحاب الثروات رأي آخر عندما يرى النعم بين يديه وقد فرض عليه المرض النظر إلى ملذات الموائد دون الاقتراب منها، فجعله يرى الصحة تاجاً على رؤوس السعداء وعنواناً لراحة البال. الجاه، الشهرة، المنصب، والرضا والقناعة، الإيمان والعبادة، العمل الخيري وخدمة المجتمع، كل تلك أسباب للناس فيها مذاهب في فهم السعادة، ولكل منا تجربته التي تجعله يتلمس مواطن سعادته ومصادر راحة باله.
في قياس الأمم المتحدة تحتل المراكز العشرة الأولى دول غربية غنية تتصدرها النرويج ثم الدنمارك، ايسلندا، سويسرا، فنلندا، هولندا، كندا، نيوزيلندا، أستراليا، والسويد. ربما لأن الثروات جلبت الخدمات ويسرت أمور الحياة. ولكن استطلاعاً بريطانياً جرى قبل سنوات وضع شعوباً في دول فقيرة في أميركا اللاتينية والكاريبي وآسيا في خانة أسعد الناس، لا لرفاه العيش وتقدم أسباب الحياة فيها، وإنما لمعايير مختلفة وخاصة، جعلت حياتهم مديدة، ونمط عيشهم مرضياً وصديقاً للبيئة، فحازوا السعادة وفازوا براحة البال. ربما يعيشون في أكواخ، ويأكلون من خشاش الأرض أو فيض البحر، ولكن السلام يملؤهم والابتسامة ترسم وجوههم والراحة تسكن بالهم.
قريب من ذلك كان تفسير العلامة محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، لمعنى «البركة»، عندما قسم الرزق إلى 24 قيراطاً قال إن الله تعالى وفرها لكل عباده، ولكنها اختلفت مقاديرها عند البشر، بين زيادة في المال، أو حظ في العيال، أو عافية في البدن، أو بركة في الرزق، أو علوّ في المنصب، أو زيادة في الجاه، وغير ذلك من أسباب لو جمعت لتساوى الخلق في عطاء الخالق.
ولنا في بلادنا الإمارات أشواط قطعناها على درب السعادة جعلتنا في مقدمة الدول العربية وفي المركز 21 عالمياً حسب مؤشر الأمم المتحدة، وذلك بفضل جهود أثمرت ونوايا أخلصت وقيادة سهرت، فأنجزت.
نحمد الله على العافية.