حالة ألا توافق التي تعيشها أغلب الشعوب العربية مع حكوماتها هي نتاج كثير من الأمور، بينها إدارة الحكومات لبيئة العمل أو منح الحقوق لشعوبها حسب ما تقرها الدساتير والقوانين.

منذ دخول الربيع العربي، كنا نأمل حالة من التغيير تشهدها الحكومات لإرضاء شعوبها، لكن في حقيقة الأمر لم نجد قيادة سارعت في إرضاء شعبها إلا قليل جداً، كما فعل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في حلحلة ما يعاني منه كثير من الباحثين عن عمل أو تعديل الكثير من القوانين وسن أخرى بما يحقق دولة المؤسسات، ومحاربة الفساد سواء من عدد من المسؤولين أو الموظفين أو حتى الإنسان كمواطن الذي يبحث عن استغلال ثغرة ما للحصول ما لا يحق له.

كثير من دول الربيع العربي تعاني أكثر مما كانت تعانيه قبل تغيير رؤسائها وحكوماتها ووزرائها. ولعل ما يحدث في مصر وتوابعه في سوريا وليبيا وتونس حيث لا استقرار أمني أو حتى وظيفي لمن كان يبحث عن حالة تغيير في وطنه.

فكان التغيير عكسيا ، ويقول البعض " ياريت اللي جرى ما كان". لكن هذه حالة من يبحث عن ديمقراطية أصلا الشعوب لا تدرك معانيها خاصة في دولنا العربية التي تحتاج لمناهج تدريس لقرون حتى تستوعب دروس ومعاني الديمقراطية لتمارسها على أرض الواقع.

أنها ليست خروج عن القانون أو استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للقذف وتبادل الاتهامات بقدر إنها عوامل مساعدة لحرية التعبير وعلينا ألا ننسى ان الحرية لها حدود وقوانين؛ وليست بوابة مشرعة "بحريا" للصغير والكبير أو المتعلم وغير المتعلم.

ما تطالب به الشعوب هو حقوق تعيد للشعب ما يحقق له الرفاه والأمن الاجتماعي والحياتي. بحيث ألا تستغل الحكومات ومسؤوليها مقدرات الدول وثرواتها لمصالح فئة معينة، لأنها هي ثروة وطن وشعب ومن يمثل الحكومة "مواطن" يمثل في منصبه الشعب وبخدم الشعب.

الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي أشار الأسبوع الماضي إلى "أن قيمة الرشاوى الدولية وفقا لتقديرات البنك الدولي تبلغ نحو 80 ملياراً سنويا، من قيمة الاستثمارات الأجنبية، وأن العالم يخسر نحو 1000 مليار دولار سنويا كرشاوى مباشرة، ويبلغ حجم الفساد في الدول العربية حوالي 300 مليار دولار سنويا وهو يمثل 30.3% من مجمل الفساد العالمي."

وهذا يعني انه لا توجد دولة بلا فساد حسب تعبيره. وأن انتشار الفساد في مجتمع من المجتمعات يؤثر سلباً، ليس فقط على اقتصاديات هذه المجتمعات، وإنما أيضاً على اخلاقيات شعوبها، وعلى طموحات شبابها، فالفساد يؤدي إلى الاستبداد، والفاسدون يسعون إلى تأمين أنفسهم ومصالحهم على حساب الآخرين، وبالتالي تختل العدالة الاجتماعية،.

وتتبدد التراكمات الرأسمالية، وتزداد العزلة والتهميش، ويضعف الولاء والانتماء، وتتدهور الأوضاع، مثلما حدث في المجتمعات التي عانت من استشراء الفساد، وخاصة العربية منها، لذا فعلى الشرفاء ــ حسب تعبير الفريق ضاحي ــ في كل مجتمع أن يسعوا حثيثاً لمنع الفساد، وتنقية مجتمعهم من الفاسدين والمفسدين.

إذاً صراع الحكومات والشعوب سيستمر حتما في حالة غياب النزاهة والعدالة الاجتماعية.