أكثر من عشر سنوات على رحيل صدام حسين عن أرض العراق، لم يذق الشعب العراقي بعد كل تلك السنوات، الأمان والاستقرار، الذي كانوا يعيشون فيه تحت حكم صدام.
أخطاء السياسيين الجدد، أوجدت الطائفية في الأرض العراقية، بعد أن كانت لا تعرف، هذا سني أو شيعي أو بعثي. شعب العراق كان يعيش كالجسد الواحد مدافعاً عن تراب وطنه الكبير. والآن يلعب السياسيون العراقيون الجدد، لعبة مدمرة في العراق، وهي مرحلة أو طريق لجعل العراق بلداً متفرقاً، ليتحول إلى جزيئات من الدويلات.
لم يستطع كل من جاء للسلطة ومن يتنافسون معهم على حكم العراق بناء وطن آمن ومستقر بعد رحيل صدام، بل غلبت عليهم المصالح الشخصية، والقيادة والحكم ونهب الثروات والقتل اليومي الذي يجعل كل بيت يفتقد رب أسرة أو ابن أو أم.
ما هي المبررات التي يسوقها السياسيون الجدد، التي تجعل من العراق بلد التفجيرات في كل يوم؟ وطن غدا مدمراً وكأن أيدي خفية تريد ان تمسح هذا الإرث التاريخي للعراق العربي، من الخارطة الجغرافية. إن تدمير العراق، بلا شك دمار للأمة العربية والإسلامية.
يجب على السياسيين العراقيين الجدد الذين يتصارعون من أجل السلطة، أن يلتفتوا لهذا الوطن الكبير، كما يجب على الشعب العراقي أن يثور ضد كل من يعبث بأمن واستقرار هذا الوطن، الذي يغلب مصالحه الخاصة على مصلحة واستقرار العراق.
إن الدور الكبير اليوم على الشعب العراقي الذي يجب أن يقف أمام حماقات السياسيين العراقيين، وليكونوا صفاً واحداً في وجه كل هؤلاء الأشرار الذين يدفعون بالعراق إلى عالم آخر غير العالم الذي كان يحلم به كل عراقي بعد رحيل حكم صدام حسين.
وإذا كان هذا ما ينطبق على العراق، فإن مستقبل دول عربية بات شبيهاً بما انجر إليه العراق، نحو القتل والدمار والطائفية التي هي سوسة تنخر في جسد الوطن العربي وشعوبه التي ما فتئت تتخلص من الحكم الديكتاتوري إلى أكثر حماقة وديكتاتورية من السابق. وذلك لأن الساسة العرب يعشقون الديكتاتورية، ومتمسكون بها، لكن ينتقدون غيرهم حينما يكونون خارج منظومتها، بينما حينما يتقلدون كرسيها يتفوقون على من سبقهم.
لكن هذه الحالات التي تمر بها الدول العربية الآن من العراق وسوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن، سوف تستمر برهة من الزمن، حتى تعي الشعوب العربية وتضع دساتيرها الأكثر إشراقاً للديمقراطية وتحقق نقلة كبرى في نظرتها للممارسة الديمقراطية الحقيقية.
ولن تكون الأمور صورية تنتقل فيها البلاد من حالٍ إلى حال أسوأ من السابق. كل شيء في حالنا العربي، سيكون المحرك الأساس فيه هم الشعوب التي إذا ما أرادت الحياة الكريمة، فإن لا شيء يقف أمام طوفانها لاقتلاع كل من يمارسون الفساد في حكمهم ويتمتعون هم وعائلاتهم وحاشيتهم بخيرات الشعوب المقهورة من الظلم وعدم المبالاة، والتي تئن ليل نهار من أجل عيش كريم وبناء وتنمية جديدة يكون أساسها الإنسان.