صورة مأساوية تلك التي بدأت في بثها قنوات فضائية انتظرت الحدث الأبرز منذ فترة، لفض اعتصام جماعة الإخوان في رابعة العدوية وميدان النهضة.
في الوقت ذاته أصابنا الحزن والفرح على ما يجري في مصر، فرح لإنهاء اعتصام «الإخوان» الذين ينادون بشرعية دمروها.. وحزن لوجود قتلى بين أبناء مصر العزيزة.
لماذا أصر «الإخوان» على شرعية مرسي وتناسوا مصر وطنهم الأكبر، وجلسوا خلف فرد بدل دولة؟ ونقول لكل مصري وقف أو أيد ويؤيد «مرسي» إنه راحل ومصر باقية، فكونوا مع الأرض الباقية وليس إنساناً رحل.
قال ونستون تشرشل «الديمقراطية أفشل نظام، لكن لا بديل له». هذه هي الديمقراطية التي ينشدها عالمنا العربي، تأتي شرعيتها بأناس ضعاف النفوس، لأننا نحن ننتخبهم، فالأمر يعود للناخب وليس المنتخب. فهل نحن في العالم الثالث نعرف معنى الديمقراطية؟ يبدو أن شعوبنا لا تعرف ما هي الديمقراطية.
وكيف تمارس، وكيف تنتخب رئيساً أو شخصاً ترشح. شعوبنا لا تعرف ولن تعرف إلا حكم العسكر والدكتاتورية، حتى تسير هكذا شعوب في الفوضى والخراب والدمار والقتل. فأي ديمقراطية تلك التي جاء ينشدها الربيع العربي، بعد حالة مخاض كبيرة وطويلة انتظرتها الشعوب العربية التي عانت ولا تزال تعاني من الفقر وفساد أصحاب السلطة في أغلب البلدان العربية؟!
كنا نتعشم أن يتغير الحال ولا نريد أن تعود مصر لحكم العسكر أو انقلاب على شرعية حاكم، لكن ضعف حكم الإخوان كاد يغرق بل أغرق مصر، وهي لا تحتمل مزيداً من الغرق الاقتصادي أو السياسي والاجتماعي والتنموي. ليكن كل مصري عاقلاً حباً لمصر المحروسة، وليس ولاءً لشخص جاء لإدارة وطن كبير بعقلية لا تزال بعيدة عن البناء والدفع بها للأمام بقدر العودة بها إلى الخلف، بل كان همه كرسي الحكم، وليس تغيير مرحلة وإنقاذ حالة ضعف تنموي واقتصادي واجتماعي.
كنا نأمل أن يوجه مرسي كلمة لجماعته قبل الدخول في تلك المشاهد لفض الاعتصام، وبدء مرحلة جديدة لبناء مصر، وأن تغييره لن يغير شيئاً في ذاته لحب مصر، لكن كل ذلك لم يكن ولم يجد آذاناً صاغية من جماعة الإخوان ومن يتبعهم، حتى جاءت لحظة فض الاعتصام.
وهي مرحلة مهمة تشهدها مصر، نأمل أن تكون ثورة تغيير في كل إنسان مصري غيور على بلده، وليس مندفعاً وهائجاً كأنه ثور ليدمر وطنه ويحرقه، كما تريد جماعة الإخوان، وهي سياسة غاشمة وغير ديمقراطية، فكل ما تشهده مصر اليوم هو نتاج تعنت الإخوان وعدم حرصهم على مصر الدولة بقدر حرصهم على سياسة وصورة الجماعة كقوة تريد القبض على الحكم بكل الطرق، حتى حينما يكون الأمر ضحكاً على الفقراء والمساكين.