شكلت زيارة المستشارة انغيلا ميريكل لأحد مخيمات اللاجئين حدا فاصلا لتحرك القارة العجوز تجاه استقبال من ضاقت عليهم الارض بما رحبت وعكست الزيارة ذلك التأثير و القوة التي تتمتع بها المستشارة خاصة والمانيا عامة لأن الزيارة اطلقت جدلا ايجابيا إن صحت التسمية حول المسؤوليات الاخلاقية للقارة تجاه اللاجئين وما زال صداها يتردد حتى خارج اوروبا نفسها.
المبادرة الالمانية تجاه اللاجئين يمكن ان تكون مقياسا على ما تتمتع به المانيا من قوة لو أرادت زيادة جرعتها ليس فقط في الجانب الاقتصادي الذي تتسيده اوروبيا وكانت قبل ذلك اكبر قوة تصدير في العالم ولكن ايضا في المجال السياسي وحتى العسكري بحيث تشكل عامل توازن تقود به أوروبا أمام الولايات المتحدة حتى وإن ارتبطت الدولتان بحلف الاطلسي ومصالح متشعبة كثيرة .
قد تكون قيادة المانيا لدفة الأزمة الاقتصادية مع اليونان هي المحرك في هذا المجال لكن التأثير الالماني ربما يمتد لأبعد من ذلك فلديها سياسات تختلف ربما عن بريطانيا التي ما زال التأثير الامريكي واضحا فيها وهو أمر توجته علاقات بوش الابن مع بلير ابان تحضيرات غزو العراق.
المانيا تمتلك من القوة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية « لو أرادت » ما يجعلها من بين الاكثر تأثيرا في صناعة القرار الدولي وقد رأينا ذلك واضحا في بداية الالفية الثانية عندما كان بوش الابن يخطط لاحتلال العراق ووجد معارضة شديدة من المانيا وفرنسا بالذات.
التحرك الالماني ربما يمهد لمزيد من حركة اوروبا نفسها وتبنيها سياسات تختلف عن تلك التي تحاول الولايات المتحدة فرضها بغية حجب النفوذ الاوروبي وتحديدا في القضية الفلسطينية التي نرى فيها اوروبا تنهج بشكل منفصل عن الولايات المتحدة ودعمها اللامحدود للمحتل الاسرائيلي وهو الامر الذي انعكس في البرلمانات الاوروبية التي تبنت دعم الدولة الفلسطينية بعكس الكونجرس الامريكي الذي نراه الاشد عداوة في هذا الاتجاه .
قد يدفع التحرك الالماني تجاه اللاجئين القارة العجوز الى مزيد من المواقف المستقلة ومن بينها التخلي عن الدور الذي أرادته الولايات المتحدة لها بأنها مجرد « دافع للشيكات».