ربما يجادل الذين يدافعون عن اتفاقية أوسلو، ورغم مرور أكثر من 20 عاماً على توقيعها أنها مثلت اعترافاً بكينونة الفلسطيني شعباً وحكومة بعد عقود من القهر والعذاب، وأنها تمهد لدولة فلسطينية كاملة.
لكن الاتفاق بمفهومه وتفاصيله ربما شكل أيضاً قيوداً جديدة على حركة فلسطين كونها دولة وحكومة، ولعل بنود التنسيق الأمني مع المحتل هي واحدة من القضايا التي مازالت تثير جدلاً في الشارع الفلسطيني.
هناك بالطبع الجانب الاستيطاني الذي تغول بعد أوسلو، حيث لجأت الدولة المحتلة إلى تسمين المستوطنات القائمة وإنشاء الجديدة منها مع التركيز على القدس، التي حتى دول الاتحاد الأوروبي، تعارضها كونها عاصمة للكيان الإسرائيلي، ولم تستطع السلطة طوال عشرين عاماً من وقف إبطاء حركة الاستيطان هذه رغم أن هناك دولاً عديدة في العالم تدعم الحق الفلسطيني في هذا الأمر. وبلغة أبسط فإن الكيان نجح في زيادة نسب الاستيطان خمسة أضعاف منذ تسعينيات القرن الماضي.
ووفق هذا السياق فإن تلك الدولة المحتلة لم تتوقف يوماً عن مطاردة النشطاء واغتصاب الأراضي الجديدة كل يوم، وفرض سياسة الأمر الواقع وتهويد القدس ولعل الأحداث الأخيرة حول الأقصى وعجز السلطة عن اتخاذ أي قرار تعد مثالاً كالح السواد على نتائج أوسلو الكارثية.
ليس المطلوب من السلطة إعلان حرب على إسرائيل، فهو نوع من الفانتازيا القاتلة، لكنها تملك بعض الأوراق التي إن لم تنفع فإنها تشكل «أضعف الإيمان» بالنسبة لسلطة جردتها إسرائيل من سلطتها.
في ظل دعم أميركي بلا حدود للجانب المحتل سواء برفض رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة، ورفضها مفهوم الدولة الفلسطينية بعد تعهدها بذلك سابقاً ربما تكون أوراق مثل وقف التنسيق الأمني والمصالحة مع غزة، وتفعيلها على أرض الواقع أوراقاً يمكن للسلطة أن تلعب بها وقد تجد صدى عند الجانب المحتل حتى لو بالتراجع المؤقت عما تقوم به اليوم من انتهاكات رغم قناعتنا بأن السلطة يلزمها دعم عربي أكبر من الحالي، وعلى جميع المستويات.