يبدو وكأن واشنطن تتراجع وتترك زمام الأمور في سوريا لروسيا، والأمر في مجمله ليس قوة في روسيا، بقدر ما هو ضعف وتراجع في قوة الولايات المتحدة وتأثيرها العالمي، على الرغم من أن قوة روسيا العسكرية والسياسية نمت وتطورت كثيراً خلال السنوات الماضية، في ظل حكم الرئيس فلاديمير بوتين.
قررت واشنطن أن تترك زمام الأمور في سوريا، بعد أن استشعرت المنزلق في مستنقع خطير، وقبلت، على مضض، الوجود العسكري الروسي هناك، وربما يكون ذلك مقابل ترك التحالف الأميركي ضد «داعش» يواصل «فشله» في العراق..
وإن كنت أشك كثيراً في قبول موسكو لعرض مثل هذا، فالكفاح ضد «داعش» لا يتجزأ بين سوريا والعراق، وهذا ما توضحه المبادرة الروسية لتكوين تحالف إقليمي ضد «داعش»، يضم الجيشين العراقي والسوري معاً.
من الخطأ توقع أي وجه من أوجه التعاون بين موسكو وواشنطن في سوريا أو غيرها، في المرحلة القادمة، وخطابات أوباما وبوتين لا تشير لطموحات لأي شكل من التنسيق أو التعاون بينهما..
وكما قال الكاتب الأميركي الشهير بول كريغ روبرتس، في آخر مقالاته منذ أيام قليلة: «يجب على روسيا ألا تعول على أي عمل مشترك مع الولايات المتحدة، التي تنظر إلى روسيا وغيرها من أصحاب السياسات المستقلة، على أنهم أعداء لها، يهددون مصالحها ويعوقون خططها».
ويؤكد روبرتس على أن التعاون المشترك بين واشنطن وموسكو لن يتحقق، لسبب واحد، هو أن العمل المشترك بينهما من شأنه تقويض الصورة التي رسمتها الدعاية الأميركية لروسيا في قالب عدو. ولا يمكن أن تعمل روسيا وواشنطن معاً في سوريا والعراق، بسبب تضارب غاياتهما، فروسيا تريد السلام واحترام القانون الدولي وإيقاف الإرهاب، في حين تريد واشنطن الحرب، وتوفّر الدعم المالي للإرهابيين، حتى تبقى منطقة الشرق الأوسط تعاني من عدم الاستقرار.
ويقول روبرتس: «كنت في السابق أرى الاتحاد السوفييتي خطراً وتهديداً لنا، والآن أرى أن السياسة الأميركية أكبر خطر على السلام الدولي».