يلجأ محللو السياسة في أوروبا والولايات المتحدة هذه الأيام إلى فرضيات عدة حول ما يجري في فلسطين، وتكاد تجمع معظمها إن لم يكن جزء كبير منها على أن السبب هو حالة الإحباط لدى الفلسطينيين وخاصة الشباب منهم.
زيلكة تمبل محللة سياسية ألمانية تشير إلى أن عدم وجود أي تغيير على الأرض سواء الدولة الفلسطينية أو أمور الحياة اليومية لدى الفلسطينيين تسبب لنسبة كبيرة منهم حالة من الإحباط وخاصة لدى الشباب، الذي سرعان ما تجذبه التيارات الدينية على حد قولها.
ربما لا تدرك تيمبل أو لا تريد ذلك، أن هناك احتلالاً إسرائيلياً لكامل التراب الفلسطيني، وأن من حق الفلسطيني صاحب الأرض مقاومة المحتل بأي شكل من الأشكال وبأي طريقة كانت، وهذا أمر لا علاقة له بأي نوع من الإحباط، لكنها كأي أوروبي ترى الوضع وكأنه بين طرفين متعادلين في القوة ومتخاصمين حول قضايا يمكن حلها دون المس بمبدأ الاحتلال. مسألة الإحباط الفلسطيني التي ربما تصيب شريحة معينة من الفلسطينيين إلا أنها لا تنطبق على فئة واسعة ترى وجودها في الدفاع والمقاومة تحت أي ظرف كان، والدفاع عن كيانها ومقدساتها.
زيلكة تمبل أيضاً تشير إلى التطرف الفلسطيني وهي هنا تنكر أن الأرض الفلسطينية مازالت تحت آخر معاقل الاستعمار، وتشير هناك إلى المنظمات الفلسطينية ودورها كما تقول في تجنيد الشباب «العاطلون عن العمل» كما تسميهم، وبالوقت نفسه تتجاهل كل الإجراءات الأميركية والإسرائيلية التي تقف دوماً في وجه قيام الدولة الفلسطينية أو حتى علم يرفرف فوق الأمم المتحدة أو إحدى مؤسساتها.
على السيدة تمبل أن ترى حجم المستوطنات الأراضي الفلسطينية كما تسميها هي، وحجم الوجود العسكري للمحتل الإسرائيلي فيها، وجهود إسرائيل في إصباغ صفة اليهودية على الدولة حتى تتعرف أكثر على ماهية الفلسطيني الذي يرفض الاحتلال وهي أمور لا علاقة لها بالإحباط، بل هي إكسير الحياة، الذي يسير عليه الفلسطيني يومياً ليس بهدف إعادة الاهتمام والانتباه للقضية الفلسطينية، بل هي ممارسة وعمل يومي يؤديه الفلسطيني إن في مزرعته أو في مكتبه أو مطارد من الاحتلال.