قرار الجهات الروسية بوقف الرحلات الجوية للطيران الروسي والمصري بين البلدين، شكل صدمة في الشارع المصري، الذي يتغنى بالعلاقات المصرية الروسية، وبالرئيس بوتين منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، وهذا في الواقع، يعكس حالة غياب الوعي السياسي، وسيطرة حالة الانفعال الثوري، هذا، على الرغم من ثبوت العمل الإرهابي في تفجير الطائرة الروسية، ولقد ذهب البعض يفسر القرار الروسي بأنه ضربة متعمدة للاقتصاد المصري، لزيادة إفقارها وخضوعها لروسيا، وذهب البعض الآخر الأكثر خيالاً، إلى أن هناك عملية مقايضة بين روسيا وأميركا، أن تترك روسيا مصر لأميركا، مقابل ترك أميركا سوريا لروسيا، ووصفها البعض بأنها «سايكس - بيكو» جديدة، وقد قرأت بالفعل هذه التفسيرات لكُتاب وإعلاميين مصريين أعرفهم جيداً.
وقف الرحلات بين البلدين قرار أمني بحت، لا علاقة له بأي جوانب سياسية بين البلدين، وموسكو تتعامل مع حادث الطائرة الروسية على أنه بداية ومؤشر تهديد لها، يطالبها بوقف عملياتها العسكرية في سوريا والانسحاب منها، وهذا دليل على نجاح العمليات العسكرية الروسية في سوريا، وبما أن موسكو لن تستجيب لهذا التهديد، فإن الحادث سيتكرر، وستسقط طائرات أخرى، وفي أقرب وقت، وهذا في حد ذاته يحقق للإرهابيين ومَن ورائهم عدة أهداف، أولها الضغط على الشارع الروسي، لينفجر في وجه الرئيس بوتين، ويطالبه بالانسحاب من سوريا، مثلما سبق أن ضغط الشارع السوفييتي من أجل الانسحاب من أفغانستان، والهدف الثاني، وهو هام للغاية، تحطيم شعبية الرئيس بوتين، التي تتصاعد بشدة، ما يضعف فرص فوزه بالرئاسة في انتخابات 2018، وهدف ثالث هام أيضاً، وهو ضرب السياحة المصرية، وأيضاً ضرب العلاقات الروسية المصرية.
الجانب الروسي على يقين بأن الجانب المصري لم يكن ليستطيع تجنب وقوع الحادث، ورغم الاعتراف بوجود إهمال في أمن المطارات المصرية، إلا أن الحادث ممكن أن يحدث في أي مطار في العالم، في لحظة غفلة أمنية، ومقابل المال لعمال الشحن، والإعلام المصري الذي يولول ليل نهار على السياحة دون فائدة، عليه أن يدعم العلاقات المصرية الروسية.