في كل مرة تلجأ إسرائيل إلى تنغيص الحياة اليومية على الفلسطينيين تراهن على ضعف ذاكرة الشعب هناك، وتكون هي الخاسرة حتى لو كانت يدها تملك السلاح والجنود والعتاد.
في أسباب الأحداث الأخيرة هناك، التي دفعت جون كيري إلى زيارة فلسطين ولقاء الطرفين في محاولة لتهدئة الأوضاع يتضح أن دولة الاحتلال كان هدفها الأول تسميم الأجواء والحياة اليومية للفلسطيني، مستغلة في ذلك انشغال العالم والمنطقة بالأحداث في سوريا والعراق وبقاع أخرى في العالم.
وكانت تعتقد أن الفلسطيني ربما يكون نفسه أقصر وربما يطاله الملل من المقاومة، وفي كل مرة تتفاجأ قيادة الاحتلال أن هناك طرقاً جديدة وأساليب مؤلمة يبتكرها الطرف الفلسطيني نابعة من الألم نفسه، الذي يحاول الاحتلال توصيله للفلسطيني بطرق شتى.
لا جدال في الحق المقدس للفلسطيني في مقاومة كل أشكال الظلم والاحتلال وبكل الأساليب، وفق ما يراه ملائماً له، ولقدراته التي كانت خلال الفترة الأخيرة الحجارة والسكاكين، وأحدثت تأثيرها لدى المحتل الذي تفاجأ بالأساليب الجديدة القديمة للمقاومة هناك، وهي أساليب يحاول المحتل وصفها بالإرهاب والعنف رغم أنه يعلم أن أغلب شعوب العالم تعرف أنه محتل ويجب مقاومته.
عودة إلى الذاكرة الفلسطينية وهي بالمناسبة ذاكرة طويلة وقوية، ربما تختلف عن نظيرتها العربية تعززها التجارب المريرة والخبرة مع الاحتلال والخبرات المتراكمة، التي تعطي الفلسطيني نفساً أطول، يتناسب مع ذاكرته ممزوجاً بالصبر رغم شدة الحال وهي أمور قد لا يعلمها محللو السياسية ومنظرو الاستراتيجيات في الكيان المحتل عند التوصية بمزيد من الضغط على الفلسطيني في حياته اليومية.
بقي أن نقول، إن آخر ابتكارات الجانب الإسرائيلي وهي تلك المتعلقة بحظر أو منع جماعة الشيخ رائد صلاح لن تؤتي أكلها وستبقى الذاكرة الفلسطينية قوية كحال أشجار الزيتون هناك، وهذا ليس كلاماً عاطفياً يلقى على عواهنه، بل هو حصيلة تجارب خبرها الفلسطيني طوال 60 عاماً من آخر استعمار بقي على وجه الأرض.