في خطابه السنوي للجمعية الفيدرالية الروسية في الثالث من ديسمبر، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول إسقاط الأتراك للطائرة المقاتلة الروسية، وتعمدهم قتل أحد طياريها، وقال «الله وحده يعلم لماذا فعلوا ذلك، وعلى ما يبدو أن الله قرر معاقبة الزمرة الحاكمة في تركيا، حارماً إياها من التفكير العقلاني والمنطق».
لفت انتباه الجميع، تعمد بوتين نطق اسم الجلالة مرتين باللغة العربية «الله»، وليس باللغة الروسية «بوج»، الأمر الذي فسره البعض بأنه رسالة إلى القيادة التركية التي تتشدق باسم الله والدين، وتدعم التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وكأنه يقول لهذه القيادة «حسابكم عند الله»، ونطق اسم الجلالة بالعربية، لعلهم يتعظون ويعترفون بأخطائهم ويعودون لصوابهم، ولو نطقه بالروسية أو بأي لغة أخرى، لما كان له نفس الصدى والتأثير، ناهيك عن أن اسم الجلالة «الله»، معروف لدى معظم البشر، دوناً عن ترجمات هذا الاسم للغات الأخرى.
بوتين عندما يتعمد ذكر «الله»، إنما ينظر أيضاً إلى الداخل الروسي، وإلى أكثر من عشرين مليون مسلم روسي يعيشون جنباً إلى جنب مع إخوانهم من أصحاب الديانات الأخرى، ومتساوون معهم في كافة الحقوق، ولا يعانون من أي تفرقة أو اضطهاد مثل المسلمين في دول أخرى، ورغم هذا، يسعى أعداء روسيا إلى زرع الفتنة والتطرف بين مسلمي روسيا، ولتركيا، بالتحديد، باع طويل في هذا الاتجاه، منذ تتار القرم إلى الشيشان وجماعات شمال القوقاز المتطرفة، التي ما زالت تتلقى الدعم التركي حتى الآن، وما زال الرئيس بوتين يؤكد مراراً وتكراراً، على براءة الإسلام من شبهة التطرف والإرهاب، ويصفه بأنه دين التسامح والمحبة.
ذكر بوتين اسم «الله»، فهمه البعض أيضاً على أنه تعبير عن غضب بوتين الشديد من طعنة أردوغان له من الخلف، وهو الذي كان معه في سبتمبر الماضي في احتفال افتتاح المسجد الكبير في موسكو، وكان يعتبره من أقرب الأصدقاء له، ومن الواضح من كلام بوتين، أن هذا الغضب سيترجم إلى ردود فعل انتقامية، تجعل القيادة التركية تندم أشد الندم على فعلتها، وهو ما أكد عليه بوتين في كلمته.