يحيرني كثيراً ما أقرأه عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الإعلام الروسي، وما يُكتب عنه في الغرب، الذي من المفترض أنه عدو لروسيا. فرغم شعبية بوتين الكبيرة داخل روسيا، إلا أن الإعلام الروسي لا يتحدث عن شخصه كثيراً، وبحكم علاقاتي بإعلاميين روس، ولقاءاتي معهم، لاحظت أنهم يتعمّدون انتقاد بوتين وسياسته، حتى لو لم يكونوا ضده، فقط حتى لا يقال عنهم إنهم منافقون للسلطة، وخاصة العاملين منهم في الإعلام الحكومي، هذا في الوقت الذي يصور فيه الإعلام الغربي، الأوروبي والأميركي، بوتين، وكأنه سوبر مان..

ويكتبون عن شخصه أشياء تصوره أنه شخص غير عادي، وتختاره أشهر الصحف والمجلات العالمية، الشخصية الأقوى في العالم لثلاثة أعوام على التوالي، بينما تنهال عليه حكومات الغرب بالانتقاد والهجوم والعقوبات والتهديدات.

آخر ما كُتب عن بوتين في الغرب، كتاب للسياسي الفرنسي المخضرم، إيفان بلو، الذي شغل العديد من المناصب الحكومية والنيابية، ويعمل حالياً مستشاراً للرئيس السابق ساركوزي المرشح للعودة للرئاسة، والكتاب بعنوان «روسيا بوتين»، الذي خلص فيه بلو، إلى أن بوتين زعيم لروسيا المعاصرة، وباعث نهضتها الحديثة، بكل ما يحمله هذا الوصف من معنى، وأشار إلى أن هذا الاستنتاج نابع من متابعة جميع التطورات في روسيا منذ دخول بوتين الكرملين وتسلمه مقاليد السلطة.

ويؤكد بلو أن روسيا «ليست بلداً يعيش في ظل الدكتاتورية، بل هي دولة ديمقراطية عن حق، وأنها ليست بلداً متخلفاً اقتصادياً، وإنما اقتصادها صار يوازي الاقتصاد الألماني، ودخل مصاف الاقتصادات الخمسة الأقوى في العالم. كما يؤكد أنه، وخلافاً لما يشاع، فإن روسيا ليست بلداً إمبريالياً متسلطاً، ولا تناصب العداء لأحد».

ويؤكد بلو أن روسيا لا ترزح تحت سطوة «دكتاتور مستبد»، بل صارت واحة قانون وديمقراطية حقيقية، واستدل على ذلك بلجوء العديد من نجوم الفن والأدب والرياضة الغربيين للعيش في روسيا، هرباً من قوانين بلادهم الفاسدة.

الكتاب يوضح أن بوتين رئيس منتخب ديمقراطياً لبلد عصري قوي ومتحضر، أبى الخضوع والتبعية للديمقراطية الغربية المصطنعة والكاذبة.