2016 سيكون عام المصاعب على جميع اقتصاديات النفط مع انحدار أسعار الذهب الأسود إلى ما دون 30 دولاراً، وهو سيناريو ربما لم تخطط له معظم الدول التي تعتمد على هذه السلعة الاستراتيجية.
والحقيقة الثابتة أن اللجوء إلى الاستقراض وخفض النفقات وشد الأحزمة هي عمليات تجميل آنية فقط، ولن تكون العلاج الفاعل لأن التجارب أثبتت عدم جدواها خصوصاً إذا ما طالت فترة النفط الرخيص الذي قد يعود إلى سنوات التسعينيات وتحديداً في عام 1998 عندما بلغ سعر البرميل 10 دولارات.
وإذا كانت إيرادات بعض الدول تعتمد بنسبة 80 % على النفط، وهناك محاذير من إفلاس بعضها فإن هذه الدول مطالبة اليوم وقبل غد بالبحث عن حلول طويلة الأمد تعتمد التخطيط والرؤية لضمان المرور الآمن ليس فقط للدول والجيل الحالي بل أيضاً للأجيال المقبلة التي يجب أن نترك شيئاً لها تعتمد عليه وبالطبع لن يكون النفط أحدها.
الاستثمار في العقول و«العقول المحلية» تحديداً مهما بلغت قيمة هذا الاستثمار فهو أفضل آلية متوفرة اليوم لمواجهة صداع النفط والكف عن الاعتماد بكثافة على الخبرات الأجنبية وهذا لا يعني التخلي عن كل الكوادر الأجنبية بل ضمن خطة طويلة الأمد تشمل تدريب الكوادر المحلية وتأهيلها في جميع القطاعات وخاصة في القطاع الخاص والإشراف الحكومي المباشر على هذه الخطط.
ما فعلته ماليزيا قبل عقدين من الزمان يستحق الدراسة فهي لم تكتف فقط بالاستعانة بالخبرات اليابانية ولكنها أيضاً ركزت على بناء أجيال وعقول محلية من خلال برامج تدريب لامست احتياجات فعلية للدولة وابتعدت عن النظريات المعقدة.
اقتصاديات النفط وخاصة الخليجية منها ما زالت تملك زمام المبادرة اليوم وما زال لديها الفائض والقدرات المالية التي تمكنها من تنفيذ الخطط وتحويل معضلة النفط إلى فرص فعلية مستقبلية من خلال الاستثمار في العقول المحلية الشابة التي تشكل غالبية السكان حتى لو خصصت ميزانيات مليارية فهو في النهاية استثمار طويل الأجل يؤتي ثماره ولو بعد حين.