آخر حديثين للرئيسين الأميركي أوباما والروسي بوتين، عكسا بوضوح علامات الحرب الباردة الجديدة ومرحلة خطيرة من استعراض القوة وصراع العمالقة.
لقد تحدث الرئيس أوباما في خطاب الاتحاد الأسبوع الماضي بشكل وصفه الكثيرون بالغرور البعيد عن الواقع، حيث وصف بلاده بأنها أقوى دولة على وجه الأرض، لكنه لم يذكر أي إنجاز إيجابي يثبت هذه القوة، سوى أن إنفاقها العسكري يفوق إنفاق الدول الثماني التي تليها، وأنها تستطيع الوصول لأي مكان في العالم، ووصف روسيا بأنها «دولة إقليمية»..
لكنه اعترف بأن هناك نظاماً عالمياً جديداً يتشكل، وأنه يخشى أن تكون بلاده بعيدة عن المشاركة فيه، وهذا في حد ذاته يناقض استعراض القوة الذي قدمه أوباما، ويؤكد ما يقال حول أفول نجم الولايات المتحدة مع بزوغ نجوم أخرى على الساحة الدولية.
وجاء حديث الرئيس الروسي بوتين لصحيفة ألمانية بعد خطاب أوباما بساعات، وهو الحديث الذي جذب الاهتمام ولفت الأنظار أكثر من خطاب أوباما، ربما لأنه كان أكثر تواضعاً وموضوعية، رغم احتوائه أيضا على لغة استعراض القوة، حيث نفى بوتين أن تكون لروسيا أي طموحات في أن تقوم بدور أعظم دولة في العالم، قائلاً: «إن مثل هذه الطموحات أمر باهظ الثمن ولا داعي له»..
وشدد بوتين على أنه لا يتفق مع ما قاله أوباما حول «تفرد الأمة الأميركية». لكنه رد على وصف أوباما لروسيا بأنها «دولة إقليمية» باستعراض لأبعاد روسيا وحدودها الجغرافية المترامية قائلاً: «إذا كان أحد يتحدث عن روسيا كدولة إقليمية فعليه أن يحدد أولاً (الإقليم) الذي يدور الحديث عنه، هل يدور الحديث عن الجزء الأوروبي من روسيا؟
أو عن الجزء الشرقي من أراضينا والذي يحد اليابان وألاسكا الأميركية والصين؟ أو الجزء الجنوبي؟ أو الشمال، حيث تحد الأراضي الروسية كندا ؟».
وتابع بوتين قائلاً «أظن أن الحديث عن دول أخرى بصورة مهينة ومحاولة إثبات فردية أميركا موقف خاطئ».
هذه اللغة بين القوتين الكبيرتين تعكس مؤشرات صراع حقيقي بينهما قد يتجاوز في المستقبل القريب حدود الحرب الباردة.