الخطأ الذي ارتكبته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، باعتبارها مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وإن سعت لاحقاً إلى البحث عن تبرير، سقطة ترقى إلى حد الجريمة، وهو ما يجب على المؤسسات الرسمية العربية والإسلامية أن تنبِّه، وتتنبّه، إليه.

ما جرى لا يمكن أن يكون «خطأ فنياً»، أو زلة غير مقصودة، بل كان محاولة مفضوحة لـ«تهريب» المعلومة، وانحيازاً فاضحاً وصريحاً للمحتل. وحتى صيغة التبرير كان الواضح منها أنها لا تريد إغضاب إسرائيل.

ما وقعت فيه اليونيسكو قد يكون توجهاً مبرمجاً لـ«بناء» واقع في العقل العربي، وفي عقول الشعوب الأخرى، عبر تسريب معطيات تتحول مع مرور الوقت إلى وقائع.. ولا يمكن فصل ما جرى، عن إسقاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) صفتي الغوث والتشغيل من مسماها المعمول به منذ ما يزيد على ستة عقود!

في الأمر إنّ.. وهذه الـ"إنّ" مرتبطة بمسعى الشعب الفلسطيني إلى الحصول على حقّه في إنشاء دولة، ونيل الاعتراف بها كما ينص على ذلك العديد من القرارات الدولية التي طواها النسيان. كان أحرى بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، أن تساند حقوق الشعوب المظلومة، لا أن «تغتصبها» وتنحاز إلى الدولة المحتلة التي تعتدي على التراث العالمي والديني، والذي يجب أن تحافظ عليه «اليونيسكو» وتحميه، بدلاً من تزويره بحثاً عن أسطورة.

القرار خطير ومستهجن، والتراجع عنه عبر بيان وعبارات دبلوماسية مطاطة، لا يكفّر عن الجرم الذي حصل.. وعلى الأمم المتحدة فتح تحقيق في الموضوع.

ومهما فعل الصهاينة، ومهما تآمر المتآمرون، ستبقى القدس بكافة شوارعها وحضارتها وثقافتها، وحتى رائحتها، مدينة عربية فلسطينية، وعاصمة أبدية للشعب الفلسطيني وحده.

وكان الأجدر بهذه المنظمة التي تدعي السهر على التراث العالمي وحماية ما يتعرض منه للخطر، أن تدين الإجراءات والحفريات الإسرائيلية في المدينة المقدسة، وتتصدى لمساعي التزوير التي لا تكل لطمس معالم الهوية العربية الإسلامية للقدس، بعد أن يئست دولة الاحتلال من العثور على السراب الذي يجري البحث عنه تحت الأرض.