مرة أخرى يقدم إرهابيو «داعش» على كشف قباحة وجههم الحقيقي، فليس غريباً على من يقتلون البشر ذبحاً وحرقاً وشنقاً أن يقوموا بالتخريب والتطاول على تراث وتاريخ العراق، حيث قامت عصابات تنظيم داعش بتحدي إرادة العالم ومشاعر الإنسانية، بعد قيامها بالاعتداء على مدينة نمرود الأثرية وتجريفها بالآليات الثقيلة، فلا يمثل هذا التدمير إلا النهج المتخلف الذي تنفذه جماعات التطرف والإرهاب، من أجل إنهاء الإنسانية التي انطلقت من بلاد وادي الرافدين منذ آلاف السنين، حيث يسعى إلى تدمير أسباب التقدم الإنساني، ويحاول محو آثار كل من جاء عبر التاريخ.

ليس الإرهاب إرهاباً دموياً فقط، بل هناك أيضاً إرهاب ثقافي، حيث تسعى المجموعات الإرهابية إلى محو التاريخ الثقافي للحضارات العديدة التي أتت إلى منطقتنا العربية، فتنظيم داعش يحاول إزالة تاريخ وحضارة الشعوب التي حافظت على ميراثها الحضاري منذ آلاف السنين، وذلك باسم الدين الإسلامي الذي هو بريء منهم ومن أفعالهم اللاأخلاقية.

حان الوقت للتحرك من المجتمع الدولي والمنظمات العالمية واتخاذ موقف حازم تجاه تلك الجماعات التي تتوسع وتمتهن القتل والتخريب في العراق.

المأساة هي أكبر من القضية الثقافية، هذه قضية أمنية رئيسة ونرى كيف يستخدم الإرهابيون تدمير التراث كاستراتيجية إرهابية لمحو تاريخ البشرية، وتحويل حركة التاريخ هنا إلى حركة ارتدادية لنسف الهوية الثقافية للشعوب العربية؟!

إن مكافحة الإرهاب لا تكون فقط من خلال الحل العسكري الذي يمنع قتل المدنيين، بل تكون أيضاً من خلال حماية التراث الثقافي والحضاري الذي يحافظ على التنوع والسلام والحوار.

لا شك أن إدانة هذه الأعمال التي تسعى إلى محو تاريخ حضاري عريق لا تكفي، بل يجب مكافحة هذا التنظيم في أوكاره للدفاع عن الإنسانية جمعاء.