قرابة أربعة عقود والشعب الإيراني يعاني الفقر والجوع والبطالة، ويعاني القمع وإرهاب السلطة، ويعاني الفساد المتفشي في أجهزة الحكم والأمن وفي قيادات الجيش، ويأخذه حكم الملالي من أزمات داخل الدولة وحروب مع جيرانها لسنوات طويلة، إلى أزمات وحروب في دول أخرى.

حيث ينفق النظام المليارات على ميليشيات وعصابات إرهابية مسلحة تعيث خراباً ودماراً وقتلاً ونهباً، في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها، وانتظر الشعب الإيراني الفرج بعد الاتفاق النووي الدولي ورفع العقوبات، لكنه فوجئ بالمزيد من الأزمات والدعم للإرهاب في الدول الأخرى، والمزيد من القمع الأمني في الداخل، وذلك تحت شعارات زائفة تدعي أن الوطن مستهدف من الأعداء ويجب حمايته وتأمينه.

لكن على ما يبدو أن صبر الشعب الإيراني قد نفد، وأنه لم يعد بالفعل يطيق ولاية الفقيه وحكم الملالي، فقد انتشرت الاحتجاجات الشعبية في المدن الإيرانية بسرعة كالنار في الهشيم، وزادت حدة المطالب والشعارات التي طالبت بتنحية المرشد العام والرئيس، وإسقاط النظام الذي وصفه المحتجون بـ«الإرهابي»، كما طالبت بمحاكمة النظام الفاسد ومساءلته عن ضياع ثروات البلاد.

النظام في طهران كعادته لا يجد ما يقوله سوى اتهامات جوفاء لجهات مجهولة تحرك المحتجين، وهو الأمر الذي لا يصدقه عاقل، حيث اندلعت الاحتجاجات في عشرات المدن في يومين فقط، وذلك رغم سقوط العديد من القتلى والجرحى، ورغم أساليب القمع البشعة التي يتخذها الأمن ضد المحتجين.

إنها انتفاضة شعب صبر كثيراً ولم يعد يحتمل أكثر.