فيما يزيد على العشرين سنة الماضية، دخلت الأسواقَ المحلية في دول الخليج العربية، المطاعمُ ذات الشهرة العالمية بأعداد مهولة، ما اعتبره البعض المهتم أنه من بركات العولمة والتكنولوجيا معاً، وأدرجها في بند التعدّدية الثقافية، التي يعدّها الكثير من المهتمين، عامل إثراء إذا ما تم توظيفها توظيفاً سليماً في عملية التنمية الشاملة.

ولعله من الأمثلة الناجحة التي يمكن الاستشهاد بها في المنطقة العربية والخليجية، نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث نقلت بنجاح عامل التعددّية الثقافية من كونه عاملاً سلبياً مهدداً إلى عامل إيجابي مساعد في التنمية الاجتماعية واقتصاد المعرفة تحديداً.

لكن هنالك بعضاً آخر رأى في التعددية الثقافية تهديداً مباشراً للهوية الثقافية في جوانب عدّة، منها الجانب الغذائي، بما أننا نعرض للغذاء والمطاعم المتكاثرة؛ فالثقافة في الأساس ما هي سوى: وجبة غذاء محليّة، وأغنية فولكلورية، وحكاية أدبية، وعادات وتقاليد، ولغة تعامل وأسلوب، وحرفة يدوية، وهندسة عمران. كل هذا يندرج تحت عنوان شامل هو:

الموروث الشعبي الاجتماعي. ولعله العامل الوحيد الذي تلمس الفرق بين شخص وآخر، والشعوب فيما بينها، تمييزاً لافتاً. هذا هو المفهوم العام والسائد لأبجديات الثقافة.

إن التحولات الكبرى التي تشهدها الثقافات في عالم اليوم، جذرية ومتسارعة، تؤثر على جوانب الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات، لا سيما العادات والتقاليد، بما فيها عادات الأكل، وتناول الطعام خارج المنازل الذي أضحى مألوفاً. أصبح قاعدة بعد أن كان استثناء. إنه موضوع متشعب.

هذا ما سببته التأثيرات السريعة للعولمة والتكنولوجيا، وقائمة القضايا والمسائل تطول، في رأسها الهوية الثقافية والتعدديّة الثقافية، وموضوع كهذا لا يزال متسيداً الحوارات في بعض المنتديات المغلقة في المنطقة.

مقطع القول: من إيجابيات التنوع الثقافي والاهتمام باستثماره، احترام الاختلافات الثقافية، وآداب التحاور، خاصة أن الجميع - من أبناء الأرض - مقتنع بأن الحاجة تبقى ماسة إلى حماية التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، والحفاظ عليه سليماً للأجيال القادمة.