اشتريت ذات يوم صورة بالحجم الكبير للممثل الرائع جاك نيكلسون، هي عبارة عن ملصق فيلمه الشهير "ذا شاينغ"، الذي أخرجه نهاية سبعينيات القرن الماضي ستانلي كوبريك، ويعتبر من العلامات في تاريخ السينما.

فعلت ذلك لأنني أحب أداء نيكلسون بشكل عام، وفي هذا الفيلم تحديداً، حيث تتحول عطلة عائلية في فندق معزول إلى دراما نفسية مخيفة، بحلول "روح شريرة" في الأب تجعله راغباً في قتل زوجته وطفله.

بالطبع، معاني الفيلم تتجاوز الحبكة الظاهرة إلى ما هو أعمق، يتعلق بتبدلات النفس البشرية وانقلابها على مشاعر إيجابية بدائية، كما غريزة الأبوة، التي بوسعها أن تصبح قاتلة: نحن، في توقنا إلى تدمير ذواتنا، نقبل، بوعي أو من غير وعي، على إلحاق الأذية بمن نحب!

المهم، أنني حملت "البوستر" وقطعت به آلاف الأميال، راغباً بتعليقه على حائط غرفتي، ثم انتبهت بأن تجعدات لحقته بسبب توضيبه في حقيبة السفر. كان يتوجب إعادة "تمليسه" إذا، ولم أجد سوى السجادة الصغيرة في غرفة النوم لكي تقوم بدور "المكواة" من دون أن تحرق. هكذا، دسست به تحتها، فرحاً بالحل الذي توصلت إليه، بعدما ارتبكت وحزنت وكرهت تكاسلي الذي منعني من حمله في أسطوانة ملفوفة في الطائرة، بدل توضيبه على تلك الشاكلة: "يوم أو اثنان، أمرّ كثيراً فوق السجادة، فيعود للملصق ألقه، ويستوي وجه جاك المخيف، أصلاً، في الصورة، ويصبح صالحاً للتعليق على الحائط"، قلت لنفسي ومضيت فرحاً.

لكنني تكاسلت مرة أخرى عن المضي في تنفيذ ما أحببت، وظلّت الصورة، بالنتيجة، لشهور طوال قابعة مخفيّة تحت السجادة، أحرّكها وأعيدها بعد كل عملية تنظيف. وحتى بعد نقلها إلى الخزانة، لم أتخل عن إحساسي أنها تحت قدميّ كلما مررت فوق السجادة، أي كلما شعرت بعجزي عن تحقيق حلم بسيط أكترث له، وهو تعليق صورة على حائط.

تذكرت هذا الوضع، في خضم مراجعات ذاتية أقوم بها بين الحين والآخر، تتعلق بتداولات الأحلام المتواضعة والكبيرة في بورصة أيامي. وقد ساءني مرة أخرى تخليّ عن حلم بسيط، في الوقت الذي ألهث فيه، كما كل إنسان (أجزم!) وراء الأحلام الكبيرة.

إذا كان لديك حلم، أخرجه من تحت السجادة!