الفنان عبد القادر الريس، الألوان بين يديه تحاول المرور دائماً إلى عوالم رحبة ومتسعة، يصنع من هذا المنطلق، مشاهد سماوية لونية عليا، وكأنه ينتصر فقط لخيال الألوان المنسجمة والمتباينة معاً في لوحاته، وهو في طريقه إلى ضفاف الذاكرة الاسترجاعية من زمن فر سريعاً كبرق خاطف... ولكن في كل حالاته، ومن كل الزوايا، لا يناشد سوى الحفر الفني الإبداعي، بمقاربته التفاصيل في الطبيعة من لحاء أشجار النخيل والأحجار، ومن خلال الهوية اللغوية في فن الحرف، ومن خلال التجريد بنقش المعمار.. يتحكم في طرح قضايا جمالية متعلقة بمعنى المكان، حيث الإمارات التي تُبنى، وكأنه ينصت لنداء الوقت بكل هدوء، مستسلماً لنداء الفن، ومقرراً مشاكسة الألوان في لوحات تضج بالحياة، وعلى أي حال حتى السنوات الأخيرة من منظور معاصر.
يشهد الفنان الريس، وعلى امتداد فنه من طفولته في الكويت إلى اليوم، على رؤيته الفاتنة للأشياء، يروضها بطريقته في كل زمن. أما إن اختلف رسمه وتغير، فيبقى الملفت في لوحاته، وهو انتباه العين إلى التراث الغني للدولة، وحرصاً على بلاغة التراث، وحواس الهوية، فالنتيجة كميات جمالية في لوحات بأقصى حالاتها، ليصبح عبد القادر الريس اليوم، بحد ذاته مؤسسة ثقافية، ومشروعاً فنياً رائداً.
يمضي ويوثق المناظر الطبيعية المتغيرة من ماضٍ دافئ إلى مستقبل مشرق، وأبواب متقنة يرسمها كسيرة ذاتية على مشهد طبيعي وساطع، وكأنه يمزق التكوين بين الظلام والنهار، ويستشرف ببهجة الألوان الحروف العربية السابحة في إطار فني، مع ضوء مميز في أوقات تنمو وتتطور خلال تقلبات اليوم، يقتنصه الفنان الريس إلى عالم الفن.
كبر الفنان في منطقة الفهيدي، وتأثر بمعمارها المميز، وبيوت مشهورة بهندستها الفريدة، ونتيجة لذلك رسم وكأنه يروي أوقاتاً دراماتيكية لمكان تقليدي، من الواقعية وشبه الواقعية إلى التجريدية.
وبموهبته الكبيرة أنتج مع الزمن أعمالاً تجسد الزمن المتطور المعاصر في دولة الإمارات، لا سيما الهندسة المعمارية التقليدية بزخرفتها الإسلامية، والأبجديات العائمة، والنافذة التي فتحت للتو على الطبيعة المتوازنة والمتداخلة، بإيقاع من ضربات القلب، وتمضي الأيام والمواسم، ليزودنا بثروة بصرية غير محدودة.