جئنا إلى الدنيا مختلفين، وأصبح لكل منا فيما بعد رؤى وتوجهات مختلفة، أوصلتنا إلى تفسير وتحليل الأمور حسب منظورنا الخاص، أدركنا الأمور باختلافنا واختلافها، وأصبح لكل منا قناعاته الخاصة، ولأننا مختلفون أصبح مفهوم السعادة أمراً نسبياً، يختلف من شخص لآخر إلا أن هناك محددات مشتركة لأسباب السعادة، وفق دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا أثبتت أن 50% من أسباب السعادة مرتبط بالعوامل الوراثية، بينما 40% ارتبط برغبة الشخص في أن يعيش سعيداً و10% مرتبط بالبيئة المحيطة بالشخصية.

حيث تلعب دورا أساسيا في التأثير في كينونة الشخص، وقد لا يتفق معي الكثير بأن مفهوم السعادة لدى الأطفال هو المفهوم الحق، فحين تسأل طفلاً عن السعادة يجيب بأن لا يسافر والده عنه، ولا تمرض والدته، ولا يفقد ألعابه، ولا يحرم من أكل الحلوى، ولا يتخلف بائع الأيس كريم عن موعده المعتاد، وأن يخرج للعب مع رفقائه، جميل هو هذا الشعور البسيط الذي يرى فيه الأطفال أوج سعادتهم وذروتها، أطفال شجعان يملكون الجرأة في الولوج إلى ذواتهم ومصالحتها والتحدث إليها، يضحكون بأصوات عالية وحين يبكون تدوي صرخاتهم دون أن يشعروا بالخجل من التعبير عن حزنهم، يصنعون سعادتهم دون اختزالها في بوتقة الماديات، فكثيرون مازالوا يلهثون خلف أمور ظناً منهم بأنها جالبة السعادة من مال وجاه وسلطة ومنصب وزواج وأبناء وغيرها، فحين تتعلق السعادة بأمور كهذه تصبح موصومة بتاريخ انتهاء وصلاحية، تقول الطبيبة الأسترالية بروني وير في كتابها «خمسة أشياء ندمت على عدم فعلها قبل الموت» والذي ترجم إلى أكثر من عشرين لغة.

بأنها تمنت لو سمحت لنفسها بأن تدرك أن السعادة حالة ذهنية لا ارتباط لها بالمال أو المنصب، وأن تكون على اتصال بأصدقائها وأن تقتطع جزءاً من وقتها لاسترجاع لحظات الطفولة والذكريات الجميلة.

فالسعادة قرار أنت تصنعه.