أثناء ممارستنا الرياضة، حدثتني صديقة من المكسيك، عن بعض الذين تصادفهم في ترحالها ممن يختلفون عنها عرقاً وعرفاً، تشعر بأن منهم من لا يتقبلون الاختلاف، وإن تظاهروا عكس ذلك، لديهم نزعة ذاتية في قبول ذاتهم ومن يشابهها.

جربت إقناعها بأن ثقافة الاختلاف تكون لدى بعض المجتمعات، هي محض ثقافة وأدب، أساسها الاحترام في كل ما يخالفك، ومناقشة ذلك الاختلاف، إن رغبت في أجواء يسودها الاحترام والمرونة في التقبل، دونما شرط أن تقتنع، كما أن مجتمعات أخرى متقوقعة على ذاتها، ترفض وتستهجن الاختلاف.

جاهدت لإقناعها، فأخبرتها بأني غالباً أسير على اتفاق مع من يختلفون معي في جوانب الحياة ككل، وأختلف نوعاً ما مع من يشبهونني في عرفي وعرقي، ومع ذلك أرحب باختلافهم، إذ في اعتقادي أن الاختلاف لا ينتمي إلى أرضية أو هوية معينة. هو قناعات لا انتماءات. فمنذ عمر مبكر في حياتي، هيأت نفسي لتقبل الاختلاف كحتمية راسخة، ليس فقط في الرأي، وإنما في بقية جوانب الحياة، وأحببت أن أكون مختلفاً ولو بأبسط الأمور.

لم أفضل يوماً أن أرى نفسي نسخة لغيري، أو أرى غيرى نسخة كربونية لي، أؤمن بالاختلاف، فهو ما يمنح حياتنا معنى آخر، قد يكون اختلافاً في الأذواق أو في الآراء أو الاهتمامات، أو حتى في طريقة تفسير الأمور، وفي الرغبات والعادات والثقافات والمعتقدات، فلولا الاختلاف، لما سافر الكثير بحثاً عن عوالم أخرى، واكتشاف الغرائب، ولولاه أيضاً، لما اكتملت النواقص.

هو فرصة للتعارف والتشارك. حين أختلف معك، لا يعني نقصاً في ذاتك أو ذاتي، ولا يعني جهلاً من أحدنا، هو ثقافة تمنحك الثراء في وجودك، وحكمة إلهية في أن خلقنا الله متباينين، ليكون هذا «الاختلاف».