القول إن التاريخ، كمادة دراسية، جرى إهمالها في مناهج المدارس الحكومية ومن جانب الطلبة على حد سواء، لا يعتبر إفشاءً لحقيقة غير معروفة.
فكتب التاريخ التي يتم توفيرها حالياً في مدارسنا، في جميع المراحل والمستويات التعليمية، تشكل المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه الطلبة للإجابة عن أسئلة اختبارات التاريخ. وهذا يعود، إلى حد كبير، للطريقة التي يجري فيها تقييم معرفة الطالب بالتاريخ، والتي تعتمد الحفظ والتسميع.
وما يتجاهله منهاجنا الدراسي، إلى حد كبير، هو إمكانية وصول الشباب إلى مئات المصادر الموجودة على الإنترنت بشأن كل الأحداث التاريخية والشخصيات والحضارات التي مرت خلال الفترات الزمنية المختلفة كافة.
ولا يُمنح الطلبة مساحة للنقاش والتساؤل بشأن مضمون مثل هذه الكتب، الأمر الذي يلغي الغرض الأساسي من تدريس التاريخ في المقام الأول. فكم هو مقدار ما نقرأه يعتبر حقيقة، وكم منه يعد وجهة نظر أو رأياً؟ تمكين الطلبة من التفكير بمثل هذه الأسئلة.
وفيما يتعلق بطريقة تدريس التاريخ، فإنه يتعين دمج أساليب التعليم المبتكرة في المناهج، وتقديمها للطلاب عند جميع مراحل ومستويات التعليم. ويعد إدخال الروايات التاريخية والقصص التاريخية إلى مناهج مدارسنا الحكومية وسيلة ممتازة للبدء بهذا الأمر.
فالقراءة عن الشخصيات الخيالية في ظل أوضاع تاريخية يجذب انتباه الطلبة واهتمامهم، حيث إنه يضفي الطابع الإنساني أو يؤنسن الشخص موضوع الدراسة الذي دوماً ما كان يدرس بطريقة وفقاً لمنهاج محدد.
وكانت قراءة القصص التاريخية، مثل «عداء الطائرة الورقية» لخالد الحسيني، و«صباحات جنين» لسوزان أبوالهوى، قد ألهبت اهتماماتي الأولية في توسيع معرفتي التاريخية ببلدان وأديان ومجتمعات مختلفة.
وتفضي عملية أنسنة التاريخ في الصفوف الدراسية، أكثر من أي شيء آخر، إلى تحطيم الافتراضات القائمة على التجزئة، والقناعات الخاطئة بشأن من هم من معتقدات وجنسيات مختلفة، وتسهم في الوقت نفسه في زيادة الفضول الفكري عند الطالب. اهتمامي الرئيسي، وخوفي من المقاربات التقليدية في تدريس التاريخ، يكمن في أنها تفترض ضمناً، على نحو غير مباشر، أن التاريخ رواية من جانب واحد.
فالمنافع من ابتكار طريقة تدريس التاريخ تكون في تعزيز مشاعر التسامح بين الطلبة، والسعي إلى تقليص الخوف من «الآخر»، الذي كما رأينا في أوضاع تاريخية ومعاصرة، يرتبطان مباشرة بزيادة العنف وسوء الفهم بين الناس من مختلف الأعراق والخلفيات والمعتقدات.
إذا أولينا اهتماماً أكبر للتاريخ من خلال السماح له بتوسيع منظورنا، والتشكيك بشأن أفكارنا المسبقة، يمكن، ربما، أن لا نكون محكومين بإعادة تكراره. وإذا كان محتماً علينا ذلك، فدعونا نحاول، على الأقل، تكرار النجاحات التي تم تحقيقها أكثر من الإخفاقات، وتكرار الجامع الموحد أكثر من المقسم المجزأ، وتكرار مشاعر التسامح أكثر من مشاعر التعصب.