دائماً ما يخالجــني هذا السؤال: ترى سأكون يوماً مثلك...فــي حنانك وعطائك؟ أمي حين أصبحت في عمر الثلاثين أنجبتني بعد ستة من أشقائي لأحلق في سماء قلبك، وأكون مدللتك العنيدة، أخبرني الكثير من أقاربي عن اختلافك مع والدي في تسميتي، وكم اختلفتما كثيرا في تدليلي وتلبية طلباتي، وأخْبرتني أنت كثيرا عن شعورك في فترة كنت فيها جنيناً، انطلق صراعه مع هذه الحياة، وعن شوقك لتحمليني بين ذراعيك.
أمي الغالية كثيرة هي المواقف التي تجعلني أقف لأهمس في أذنك: أنت أعظم أم..كيف لا تكوني بهذه العظمة وأنت من تحمل كبريائي وعنادي وإصراري رغم معرفتي أحيانا بأن ما أقوم به ليس على صواب.
احتفلنا في مراحلنا الدراسية بيوم الأم، كم كان جميلاً ذاك الصباح الذي يختلف عن كل الصباحات المدرسية، ذلك الصباح الذي أنشدنا فيه جميعا للأم، وكتبنا أجمل العبارات إهداء لأمهاتنا على قصاصات وردية وألصقناها على جدران فصولنا.
منذ آخر مرحلة دراسية، لم أكتب ذاك الكلام الطفولي ولم أعلق قصاصة ورقية تحمل إهداء لك. افتقدت كثيرا هذا السلوك، ربما لأني اكتفيت بالاحتفال بهذا اليوم بشراء الهدايا التي اعتقدت أنها تغني عن كتابة تلك الكلمات.
أمي الغالية كم يدهشني الكثيرون ممن ينتظرون يوما من مجموع أيام السنة بجلها، ليعترفوا بعطاء الأم وحنانها الذي يفيض أيما حنان، وينشدوا لها ويرسموا قلوبا وورودا إهداء لها، عجبا لهم ألا يجيدون التعبير عن عرفانهم وامتنانهم إلا في المناسبات، سأشاركهم الاحتفال بيومك الممنون، وسأضم صوتي لأصواتهم لأنشد نشيدك، وأخط عبارات امتناني لك وأبدع في رسم القلب الذي بداخله اسمك، ويقيني بأني سأقف حائرة ككل مرة أجرب فيها أن أصفك أو أترجم حبي لك في أحرف، ستخونني العبارات ولن يسعفني عصف ذهني في امتناني لك يا من ذاب عودها لإسعادي، فأنت أجمل روائع خلق الله.