أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «مئوية الإمارات 2071» والتي من خلال رؤيتها تستهدف الاستثمار بالدرجة الأولى في شباب الإمارات، والعمل كي تكون الإمارات أفضل دولة بحلول الذكرى المئوية لقيام الدولة.
حين سمعت للمرة الأولى عن إطلاق المشروع، كان أول ما تبادر إلى ذهني أن أقوم باحتساب كم سأكون قد بلغت من العمر عام 2071، وأدركت أني سأكون في الخامسة والسبعين حينها.
لا يسعني إلا أن أفكر في نوع التحديات الاجتماعية والتعليمية والتقنية التي قد تواجهنا ليس في العام 2071 وحسب، بل على امتداد الأعوام وصولاً إلى السنة الموعودة. وتذكرت عندئذ مثل إغريقي جميل يقول «يغدو المجتمع عظيماً حين يغرس أبناؤه أشجاراً يدركون أنهم لن يستمتعوا بالجلوس في ظلالها يوماً ما».
يتطلب الإعداد لتنفيذ المهمة بالتأكيد مقاربةً متعددة الأوجه، ومن أهمها فهم الدراسات المستقبلية التي تسمى كذلك استشرافاً استراتيجياً، التي غالباً ما تعرف على أنها نظام تعليمي موجه للمستقبل يركز على التوقعات المستقبلية والسيناريوهات البديلة والتكهنات المدروسة.
وتجمع دراسات الاستشراف الاستراتيجي الأفكار الثاقبة لتيارات سائدة في الوقت الحالي في مختلف المجالات والقطاعات وتستخدم المعطيات الموجودة لتحديدها، وفي بعض الحالات، لتفادي التهديدات والمخاطر المستقبلية قبل وقوعها.
ونظراً لارتفاع وتيرة التقدم التكنولوجي، فإن الوظائف القائمة اليوم ستتطور بطرق تصعب معرفتها في السنوات المقبلة، كما ستختفي بعض المهن والوظائف تماماً في غضون عقدٍ أو اثنين من الزمن. فكيف يمكن للأجيال الشابة الاطلاع بشكل أفضل على المهارات والمفاهيم التي تحتاجها استعداداً لمواجهة تحديات وفرص العقود القليلة المقبلة؟
تعتبر وزارة التربية والتعليم (التعليم العام والعالي) المساهم الأساسي في تعريف الأجيال الناشئة من كافة المستويات الأكاديمية على الدراسات المستقبلية والاستراتيجية.
ويتمتع طلاب المراحل الابتدائية بالسمات المطلوبة لإنتاج الاستطلاعات والأفكار المستقبلية بخيالهم الواسع وحسّ الإبداع اللامتناهي لديهم. ويمكن في المرحلتين المتوسطة والثانوية طرح موضوع الدراسات المستقبلية في المناهج، وتطبيقه على مجموعة من الموضوعات التي تثير اهتمام الطلاب وشغفهم.
أما في مراحل التعليم العالي، فإن مادة الاستشراف الاستراتيجي والدراسات المستقبلية فتدرّس في عدد من الاختصاصات الجامعية والدراسات العليا في عدة جامعات حول العالم، سيما الصين وأستراليا. ويعتبر وضع برامج منح للطلاب الإماراتيين المهتمين بالمجال أحد المبادرات التعليمية التي يمكن اتباعها في ضوء أهداف وتوصيات مشروع المئوية.
في العام 2071 سيسلّم شباب إمارات اليوم شعلة الإرث الجماعي لشباب إمارات الغد. وسيطرح أولئك الشباب الذين سيكونون في العشرين من العمر حينذاك السؤال علينا بشغف نحن السبعينيين، عن الدور الذي لعبناه في تحقيق هدف جعل الإمارات البلد الأفضل في العالم في عام 2017.
أما الإجابة عن سؤالهم فستعتمد ليس على العمل الذي ننوي القيام به في السنوات الخمسين المقبلة فقط، بل على ما سيقوم به كل شاب إماراتي في الأربع والعشرين ساعة المقبلة والساعات المثيلة التي تليها، وعما سنفعله اليوم بالذات وليس غداً وحسب.
فماذا سيكون جوابنا في العام 2071، يا شباب الإمارات؟