منذ أيام قرأت في مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً عن إطلاق مبادرة «صناع الأمل» في دورتها الثانية، مبادرة أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، العام الماضي.
والتي تعد أكبر مبادرة عربية، إيماناً منه بأن في كل شخص بذرة خير، وأوطاننا العربية مليئة بشخصيات من صناع الأمل والمستقبل تعمل بصمت من أجل إسعاد الآخرين، وتحمل على عاتقها مسؤولية نشر قيم الخير والعطاء والأمل والسعادة دون مقابل. وثقافة العطاء ليست دخيلة أو مكتسبة على مجتمع البشرية، بل هي غريزة اجتماعية بشرية، وجدت لتعزز بقاء الإنسان على المعمورة وكثير من المجتمعات التي غفلت عن تعزيز هذه الثقافة في أبناء جلدتها فباتت تعاني من ارتفاع منسوب الأنا والأنانية لديهم.
وما هو مؤسف أن يرتبط العطاء لدى البعض بالجانب المادي فحسب، دون إدراك بأن العطاء قد يكون بأبسط التعاملات في حياتنا اليومية كابتسامة في وجه غريب، ومواساة مهموم، والثناء على شخص، وغيرها من التعاملات التي قد نجود بلحظاتنا فيها، ما هي إلا عطاء وعلى اختلافه.
والتي أرى أننا نحتاج فيها لأن نشكر الخالق لأنه سخرنا بأن نكون طرفاً فيها، وهنا يثيرنا السؤال، كيف كان العطاء سمة حاضرة في حياة المسلمين الأوائل؟ وكيف نجحوا في أن يصلوا إلى مشارق الأرض ومغاربها لنشر الإسلام ؟
رغم شح الحياة في ذاك الزمان.. وهو ما يؤكد بأن العطاء كان جوهر حياتهم وثقافة إنسانية بينهم، لذلك لم يعرفوا الفقر والتشرد في مجتمعاتهم. ولأن العطاء في مجتمعات كثيرة لا يُعرف بل ولا يعترف به، مجتمعات تعيش بأنفسها ولأنفسها دون وجود للمشاركة المجتمعية فيما بينهم، فأصبح جلّ أفراد شعبها يعانون الضياع والتشرد وحالات نفسية كان بالأحرى أن تكون ثقافة العطاء فيها سائدة، لأنه كما قيل على لسان أحد الحكماء «من يفكر على مائدة الحياة أن يشبع نفسه فقط، فسيبقى جائعاً، ومن يفكر أن يشبع أخاه فسيشبع الاثنان معاً». لذلك اجعلوا العطاء أسلوب حياة، واجعلوا أيامكم عطاء دون انتظار رد العطاء.