هناك درس مهم أكدته معلمة الكمبيوتر لزميلاتي في الصف الثالث وأتذكره عن ظهر قلب، وهو: لا تشاركن بأي معلومات شخصية عبر الإنترنت. لم تعرف مدرستي أنها كانت تخاطب مجموعة من الأطفال في سن السابعة الذين سيصبحون، في غضون بضع سنوات، الجيل الذي يشارك معلوماته الشخصية بصورة أكثر علانية من أي جيل قبله في التاريخ. سرعان ما نسجت وسائل التواصل الاجتماعي نفسها بسلاسة على حياتنا اليومية.
وفي حين قضيت أنا وجيلي جزءاً كبيراً من سنوات مراهقتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أننا كنا نسيطر شخصياً على ما نشاركه على الإنترنت، بغض النظر عن الفهم المحدود الذي كان لدينا عن بعض العواقب التي ستترتب على ذلك. أما أطفال اليوم، فهم لا يشاركون التجربة نفسها التي نشأت لدينا.
من خلال مشاركة صور ومقاطع الفيديو الخاصة بالأطفال، يقوم الآباء وأفراد العائلة بإنشاء هوية رقمية لهذا الطفل سوف تدوم إلى الأبد على الإنترنت.
أصبح للأطفال الآن هويات رقمية تم إنشاؤها لهم، بدلاً من إنشائها بأنفسهم. في المقابل، يجب على الطفل أن يتعايش مع عواقب وجود هوية رقمية له لم يكن على علم بها، ولم يكن له رأي في إنشائها في المقام الأول، لبقية حياته.
وفي حين أن مشاركة فيديو طفل مشاغب قد يبدو غير ضار في البداية، مع إدراك أن هذا المحتوى سيكون موجوداً على الإنترنت إلى الأبد، وأن يكون متاحاً لأي شخص لديه إنترنت على امتداد العالم، فإن ذلك يجب أن يجعلنا نفكر مرتين قبل أن ننشر المحتوى هذا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لقد صادفت عدداً كبيراً من مقاطع الفيديو الخاصة بالأطفال الذين يبكون على شيء أزعجهم في لحظة معينة، فقط لرؤية الشخص المسؤول عن المشاركة فيه أضاف أيضاً شرحاً توضيحياً مثيراً للسخرية من ردة فعل الطفل نفسه.
يجب أن يكون الأطفال قادرين على عيش طفولتهم، مع كل لحظاتهم المحرجة والمربكة، دون أن يشاهد العالم بأسره ذلك. كما تم استخدام الأطفال كأداة من قبل بعض الأشخاص «المؤثرين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الحصول على عدد كبير من المتابعين، واستخدام الأطفال أيضاً في الترويج عن إعلانات مدفوعة الأجر.
الأخلاقيات الكامنة وراء استخدام الأطفال في سياق مظلة «المؤثرين» في وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب تحليلاً مستقلاً أكثر شمولاً، ولكنها مثال على الطريقة التي يستغل بها الأطفال الذين لا يفهمون كيف ولماذا تم استخدامهم من قبل أفراد أسرتهم على هذا النحو.
مع نمو الطفل وبدء حضوره مراحل التعليم الأولى، فإن احتمال تعرضه للتنمر المتزايد من قبل زملائه ليس أمراً ينبغي الاستخفاف به. في أي لحظة، يمكن لزميله أن يرفع صورة أو فيديو محرجاً له، ويسخر منه أمام رفاقه. وعندما يعود هذا الطفل إلى المنزل ليسأل عن سبب مشاركة الصور ومقاطع الفيديو الخاصة به على الإنترنت، فإني أشك أن إجابة مثل «المحتوى أعطانا الكثير من المشاهدات» ستكون إجابة مقنعة ومنطقية بالنسبة له.
يدعو هذا المقال إلى حوار مفتوح وصريح حول حق الأطفال في الخصوصية على الإنترنت، بالإضافة إلى إحساس متزايد بالوعي حول كيفية مشاركة أجزاء مهمة من حياة الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد تؤثر على مستقبلهم من جوانب اجتماعية وعاطفية ومهنية.