مما يشعرك بالتفاؤل تجاه مستقبل الثقافة في الإمارات، هو احتضانها الفعاليات الثقافية المتعددة على مدار العام، في كل إمارة، هنالك أنشطة لا تكاد تنتهي، حتى يعلن عن غيرها، فعاليات تصنع جماهيرها ذوي التوجهات والأذواق المختلفة، وفيها من الثراء الفكري والترفيه، الشيء غير القليل.

لكن بعض الأنشطة التي تعجبك أكثر، هي شيء مثل هذه البرامج النوعية التي تتكرر سنوياً، وتثبت أنها فعاليات منظمة، مدروسة، لها استراتيجياتها التي تهدف في الأساس إلى تطوير الثقافة.

هذه البرامج نحتاج إليها وإلى صانعيها. صانعيها من ذوي الخبرة، الذين تشعر وأنت تتابع برامجهم، بأنك تتابع برامج بحثية مضنية ومهمة، ليست وليدة اللحظة. وعلى ذكر هذه البرامج، يأتي افتتاح «دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي»، الدورة الثانية من «منتدى أبوظبي للنشر»، بعنوان «مستقبل النشر الإلكتروني، التقنيات والتحديات - تجارب عالمية».

تعجبك مثل هذه المبادرات الهادفة في الأساس إلى تطوير الثقافة الوطنية «على نار هادئة»، التي يشرف عليها، أو يقوم بها مثقفون مبدعون، من ذوي الخبرة في مجال الثقافة، قدموا الكثير، وبعضهم عملوا منذ أيام «المجمع الثقافي» في أبوظبي، إلى جانب خبرات صحافية وإعلامية معروفة.

المنتدى وغيره من البرامج هنا، ليس مجرد تجمع، بل من خلال ندواته الحوارية الجادة، ومعرضه المتخصص، يمكن المشاركين من استشراف مستقبل مثل هذه الصناعات الثقافية، والتحديات التي تواجهها حقيقة، من دون تلميع.

تطوير الثقافة الإماراتية من خلال البرامج والمبادرات الجادة، التي تشرف عليها الخبرات الوطنية، وتتلقاها التجارب الناشئة، يذكِّرك بالبيت الثقافي الإماراتي كله ومشاريعه، وكم لديه من خبرات، يمكن تسخيرها في خدمة وطنها، وقد أحزننا تصريح بعضها في مجال الدراما والمسرح في الآونة الأخيرة، بأنها ستهاجر، وهو الأمر الذي يحتاج فقط إلى حوار ونقاش هادئ بين أهل البيت، خبراتنا نحتاج إليها، فهي جزء أساسي من كياننا ووجودنا الثقافي.