مؤمنة أنْ ليس للحب زمان ومكان، لكن تختلف الآراء حول الحب ومعناه، فالبعض عاش الحب بين أبيات الشعر وقوافيه، وآخرون لم يروه سوى فراق وألم، وتبرمج البعض من قصص وأغانٍ ومسلسلات. لكن الحب بعيد كل البعد عن كل هؤلاء. فالحب هو المعنى الحقيقي للحياة والروح، المركز لكل نبض وعطاء، فهو أعلى قيمة للوصول للسلام الروحي، وهو الأساس في الاستمرارية والرضا والتقبل.

لكن في هذا الوقت وخاصة في هذه الأيام التي ارتبط اسمها باسم وباء يلتف بكل العالم فيشل حراكه، ظهر حب من نوع فريد، حب غُمِرَ وكان في سبات طويل، لكنه نفض عنه غبار الزمان ونهض لينافس انتشار هذا الدخيل. حب أعمق من أي تصور، وأطهر من أي مصالح وماديات، ومترفع عن أي نواقص وهفوات. حب لا يرى سوى العطاء والاستمرار رغم العقبات والصعاب.

تلاشت مع ظهوره الحدود السياسية، واختلاف الألوان والأعراق واللغات، اختفت بظهوره فقاعات الشهرة والماديات المزيفة، وسقطت الأقنعة، ولم تعد تلك الماديات والكماليات التي غافلتنا زمناً لها تلك القيمة، ولم يعد زحمة الحديث والتسابق على ترويج كافة السلع من سلع إخبارية أو حتى استهلاكية بل ظهر المضمون الحقيقي فلم يعد هناك أهم من الإنسان وحياته واستمراريته بسلام وعافية.

الحب الذي ملأ كل ركن وبيت وأسرة وأرض، حتى الخوف من الفقد، كان مليئاً بهذا الحب النقي. فكان أولها حب القادة لشعبهم ومواطنيهم، وكيف بثوا روحاً مليئة بكل لطف وطمأنينة، فانتشرت وقربت بين القلوب، فمن كان يرى أن البعد قيمة، وجد في القرب حياة. وتنافس الجميع للعطاء.

هذا الحب الباقي والأزلي الحب الذي خرج وولد من رحم الألم والفقد والابتلاء والوباء، حب الأوطان بحب شعبها.