كل تغير دائماً يكون وراءه سبب، والعالم يتغير الآن، لا بد أن غزو هذا الكائن الخفي سبب لدفع العالم نحو التغير، إنها مرحلة تاريخية مفصلية في حياة البشر، ها هي حياتنا تتغير، بل إن كوكبنا يتغير، يتشافى من الغازات والأبخرة التي أثرت على صحته لسنوات طويلة، تغيرت يومياتنا وأسلوب حياتنا في هذه الأوقات التي يمر بها العالم، تغيرت عاداتنا وروتيننا اليومي، وأشياء كثيرة، إنه عصر جديد، تغير يجتاح العالم، ويغير الثقافات المتراكمة، والممارسات اليومية، وربما لا نعود إلى ما كنا عليه بعد انتهاء هذه الأزمة، وربما يكون هذا أحد أسباب وجود هذه الأزمة، لقد أتاحت لنا التكنولوجيا العمل من المنزل والتسوق والترفيه لدرجة، بل وممارسة الحياة والقيام بمختلف الأنشطة دون مغادرة المنزل، لدرجة أنه يمكننا مواصلة العمل عن بعد حتى بعد انتهاء هذه الأوقات الاستثنائية، وأجزم أن كثيراً من الأعمال ستستفيد من هذه التجربة لخفض التكاليف التشغيلية، عن طريق خفض عدد الموظفين والاستغناء عن المكاتب الكبيرة أو زيادة عدد الفروع، وكذلك الأمر بالنسبة لزيادة الإنتاجية، فيبدو أن معدل الإنتاجية يزداد خلال العمل من المنزل أو عن بعد نظراً لأن الموظف يختار بيئة العمل التي تناسبه، فقد يكون بين أفراد أسرته، أو في حديقة منزله أو يقوم بعدة مهام أو هوايات أثناء أداء عمله، ساعات العمل غير مؤطرة بشكل واضح فيكفي أن تكون متصلاً بالإنترنت لتعمل في أي وقت، وربما تظهر هنا الحاجة إلى إصدار تشريعات جديدة في هذا الإطار.
بلادنا كانت مستعدة منذ سنوات لمثل هذه الظروف والحكومة الإلكترونية تعمل منذ فترة طويلة لدرجة أنك قد لا تحتاج لمراجعة أي جهة حكومية، ذلك يعني أن المسألة لم تكن ترفيهاً بل ضرورة وهذا تأكيد وترسيخ لرؤية قيادتنا الرشيدة الثاقبة.