وبينما تمضي هذه الأيام الفضيلة، وأنت في المعتقل المنزلي الاختياري، تجد نفسك متخماً بكم هائل من المعلومات، والمقاطع المصورة، والمسلسلات التلفزيونية، والأفلام التي تتسرب بسلاسة في حياتنا، منتهكة خلواتنا وحدودنا الوهمية، تخمة تزيد الوزن الناتج عن «الجنك انفورميشن»، بعد أن تخلصنا من الوجبات السريعة.
تنظر إلى الكتب المصفوفة على الرفوف، وكأنها تستجدي أن تمد يدك إليها لتتصفحها، وقد تتعاطف معها، وعندما تهم بتناول أحدها، يهتز هاتفك معلناً وصول تنبيه جديد، وقد تفتحه بلهفة، لتتصفح ما وصلك، فتجد نفسك مسافراً متنقلاً بك بين الأخبار والصور والمواقع والمنصات والمشاهير والمؤثرين، حتى يمضي الوقت، فتنسى الكتاب، بل وتنسى كل شيء، وعندما تتمكن من الفكاك، تنتبه إلى أنك قتلت الوقت، وهربت بلا غنيمة.
يتعمق هروب بعض الناس للحياة في الواقع الافتراضي، ربما كإحدى تداعيات حظر التجول، الذي فرضه الجنرال «كورونا» على سكان الأرض، الحياة في العالم الافتراضي، أسهل وأجمل، وبلمسة زر تنتقل إلى هناك، حيث يجد كثيرون أنفسهم وشهرتهم وأوهامهم، لدرجة أن كثيرين قد لا يكترثون بما يحدث على أرض الواقع، لكن الحقيقة، أن هناك حياة أخرى أجمل في الواقع، حياة مليئة بالأشياء الحقيقية الجميلة، هناك حرب عالمية على الفيروس، تخوضها جيوش من العلماء والطواقم الطبية، يسطرون يومياً ملاحم بطولية، وإنجازات في مكافحة الوباء، وهناك حرب باردة بين قطبي العالم.
ولا أحد يعلم كيف سيكون النظام العالمي بعد الانتصار على الوباء، وهناك إنجازات حقيقية، فالعالم لم يتوقف، رغم سطوة الجنرال، العالم سينتصر، رغم الهزائم، ورغم سقوط الضحايا، لطالما انتصر البشر على الكوارث والمحن، بل إن من سمات البشر، أنهم يخرجون من المحن بأفكار عظيمة، في تلك اللحظة، راودتني فكرة عظيمة، تذكرت صاحبها، فعدت إلى رفوف الكتب، لأفتش عنها بين الصفحات.