تعد المدينة الفاضلة من أشهر المواضيع التي أثارها الفلاسفة عبر الزمن، وعبّروا عنها بالمدينة التي تخلو من العيوب، وتوجت كرمز للكمال الإنساني. نميل نحن البشر لفكرة الكمال، ويغيب عن أذهاننا في أحيان كثير، فكرة أننا ناقصون مهما ادعينا الكمال، ولا مكان للكمال أو للمدينة الفاضلة على سطح الأرض.

أحد أهم الدروس التي تعلمتها أثناء التدريب في البرنامج العالمي للإلقاء والخطابة «التوست ماسترز»، أنه مهما كانت كلماتنا مؤثرة ومنتقاه بعناية، ومهما كنا متدربين على الإلقاء، لا بد من تقييمنا على يد مقيمين، وإعطائنا تغذية راجعة ونقداً بناء على محتوى ما نقدمه وطريقة عرضه أمام الجمهور.

الخلاصة، مهما كان العمل الذي نقدمه مميزاً ورائعاً، هناك ألف احتمال آخر على الأقل لأدائه بطريقة أخرى، أو لتحسينه وتطويره. تعد فكرة غياب الكمال، وأن هناك دائماً مجالاً للتحسين والتطوير حقيقة أزلية، وعليه، من المهم إدراك أن كل ما نقدمه من عمل، إما أن يكون مبنياً على معلومات غير كاملة، أو أن ما لدينا من معلومات بحاجة إلى تحديث مع مرور الوقت.

التغذية الراجعة والنقد البنّاء، من أهم الأدوات التي تستخدم للتحسين المستمر، ليس لأنهما فرصة للتعلم من الماضي وتحسينه، بل لأنهما طرق لجعلنا استباقيين، ولرفع مستوى ما سنقدمه في المرات اللاحقة.

ببساطة، التغذية الراجعة والنقد البنّاء، يعدان من أفضل الطرق للتأكد من أننا نقوم بالأشياء بأفضل طريقة ممكنة، وبكفاءة عالية.

تخيل معي أنه في كل مرة نمارس فيها نقداً بنّاء وفي محله من أجل التطوير، نصنع احتمالاً لأداء مستقبلي أفضل! ماذا لو أدركنا أن النقد البنّاء والتغذية الراجعة، أمران مهمان، من أجل عمليات التحسين والتطوير؟.

ماذا لو كنا أكثر سعة وأقل حساسية في تقبُّل النقد البنّاء من الآخرين؟ ماذا لو كان النقد البنّاء والتغذية الراجعة جزءاً أساسياً في كل عمل نقوم به؟.