لا أزال أذكر ذلك اللقاء الذي جمعني بالملك الحسن الثاني، رحمه الله، في قصره بالصخيرات القريبة من العاصمة الرباط، لأسجل معه كلمة بمناسبة عيد الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1992.

وصلت إلى المجلس الذي سيتم فيه اللقاء برفقة المرحوم إدريس البصري الذي كان وزير الداخلية والإعلام.

استقبلني الملك بكل حفاوة وتواضع، ما شجعني على فتح حوار معه، بينما الفنيون والمصورون يعدّون عدتهم لتسجيل اللقاء.

قلت: صاحب الجلالة.. لاحظت أنك تتكلم الفصحى بكل طلاقة ودون أخطاء، فكيف وصلت إلى ذلك والمغرب بسبب الاستعمار الفرنسي أصبح أكثر ميلاً إلى تكلم الفرنسية ؟

ابتسم الملك وقال:

يسرني أنك لاحظت ذلك، لقد كان الوالد محمد الخامس يصر على أن أتعلم اللغة العربية وأن أقرأ القرآن دون أخطاء، ولقد أشرف بنفسه على تعلمي لهذه اللغة العظيمة باختيار الأستاذ الكفؤ وبالتحدث معي بالفصحى إلى أن أتقنتها.

قلت: وهل أفادك إتقان هذه اللغة؟

قال: لولا إتقاني لهذه اللغة لما نجحت في إيصال أفكاري إلى شعبي وإلى العالم.

قلت: لاحظت أنكم تفضلون الارتجال على القراءة من الورق.

قال: لأنني أعرف ما أريد قوله ولأنني أملك الوسيلة الجيدة لجعل ما أريد قوله واضحاً ومؤثراً وهي اللغة العربية الفصيحة.

قلت: ومع ذلك فأنتم تتقنون اللغة الفرنسية.

قال: وحتى اللغة الإنجليزية، ولكن ذلك إضافة إلى الأساس الذي هو لغتنا هويتنا كعرب.

وسجلت مع الملك الحسن رحمه الله لقاء ألقى فيه كلمة ارتجالية، حمل فيها تحية المغرب ملكاً وحكومة وشعباً لشعب الإمارات وقائده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤكداً متانة علاقات الأخوة والصداقة بينه وبين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبين شعب الإمارات وشعب المغرب.

ولقد ترجم رحمه الله هذا الحب الكبير للغة العربية إلى سياسة تعليمية واضحة تربعت فيها اللغة العربية على مقعد القيادة.

وللحديث بقية.