تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي من الاستحواذ على معظم وقت المشاهدة والاستماع لدى الأجيال العربية الجديدة، حتى إن الأهل ما عادوا يخفون مخاوفهم من هذه الظاهرة التي يعتقدون أنها تبعد أولادهم وبناتهم، الذين يؤكدون لهم أنهم بهذه المتابعة المستمرة يزيدون علماً ومعرفة.
والأمر لا يتعلق بهؤلاء فقط، بل إنه يمتد ليشمل الجميع، فلم تعد محطات التلفزيون ببرامجها وأخبارها وموادها الترفيهية قادرة على منافسة قنوات الفيسبوك والإنستغرام وتويتر والواتس أب، وغيرها من القنوات.
ما أثار انتباهي في هذه الظاهرة الحديثة هو لجوء الأدباء والشعراء العرب إلى وسائل التواصل هذه لنشر إنتاجهم الأدبي والشعري.
كنا في البداية نهتم بقراءة دواوينهم ورواياتهم والكتب التي يبحثون فيها عن أديب أو شاعر.
الآن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت حتى الكتاب في وضع حرج، ولم تعد دواوين الشعر تجد من يطلبها ليطلع عليها ويحتفظ بها، مستعيضاً عن ذلك بالبحث في محرك غوغل عن أي ديوان لأي شاعر فيقرأ منه ما يتيسر.
ورغم أن من يفضلون قراءة الكتب والاحتفاظ بها ما زالوا يشكلون كتلة داعمة للكتاب، يقف معهم في هذا الدعم المسؤولون عن الثقافة في الدول العربية بإنشاء المكتبات العامة وإقامة معارض الكتاب وعقد المنتديات والمؤتمرات التي تنحاز إلى الكتاب المطبوع، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تكسب كل يوم المزيد من الذين انحازوا إلى الكتاب المطبوع.
وشئنا أم أبينا فإن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أمراً واقعاً، وصار علينا أن نواكبها، وأن نجعل للغة العربية مكاناً مميزاً فيها.
على المسؤولين عن هذه اللغة أن يدركوا أهمية هذه الوسائل، وأن يشاركوا فيها وينشئوا القنوات التي تهتم بنشر اللغة العربية وآدابها في هذه الوسائل الحديثة.
لقد لاحظت وجود بعض المحاولات لمتطوعين للدفاع عن اللغة العربية وشرح قواعدها لمن يريد أن يتعلم النحو والصرف، وحتى الإملاء، ولكن تظل هذه المحاولات قليلة وغير مأمونة، والأفضل أن يكون الدخول إلى هذه الوسائل من خلال الوزارات والدوائر المسؤولة عن اللغة العربية.
وللحديث بقية.