أجل نعيش دوماً علاقاتنا ومواقفنا في هذه الحياة على الحد الفاصل، والذي بدوره يكون له التأثير الأكبر في مشاعرنا وأفكارنا وقراراتنا، الحد الفاصل بين ما نعيشه بتفاصيله.

تأملت في كثير مما يمر بي، وبما يمر حولي لأجد أن الحد الفاصل يكاد يكون بالفعل معدوماً أحياناً، فنتجاهله أو لا نراه. وهذا ما يجعل تلك التشابكات في حياتنا أصعب وتأثيرها أكبر.

قد نتساءل أي حد فاصل نتحدث عنه، وله هذا الأثر الكبير في مفاهيم الحياة والعلاقات؛ إنه ذلك الحد بين كثير من المشاعر التي تعترينا، فلا نميزها، فتختلط علينا الأفكار والقرارات. أحياناً لا نعلم هل نحن غاضبون من الشخص نفسه أم من الموقف الذي حدث بيننا، لا نعلم إن كانت تلك مجاملة لطيفة وتودد أم أنه نفاق، لا نعلم إن تلك الضحكة هي حقيقية أم هي مجرد ابتسامة صفراء.

هو حد صغير جداً بين هذا وذاك، وهناك أكثر لأن هذا ما نشعر نحن به، لكن هناك ما يحكم به الآخرون حولنا عن تلك الحدود الفاصلة، فربما من يرى اهتمامك به اختناقاً، ومن يرى عطاءك الزائد واجباً عليك، صمتك يرونه ضعفاً واستسلاماً، اجتهادك للإنجاز والوصول والسعي مضيعة للوقت، حريتك ربما يرونها تحرراً، فطنتك وذكاءك ترى تكبراً.

في النهاية فتلك الحدود الفاصلة مبنية بدواخلنا من قيم ومعتقدات ومبادئ، نشأت معنا وتربينا عليها أو حتى اكتسبناها من الآخرين حولنا أو من مواقف وتجارب مرت بنا أو بهم، أو حتى تأثرنا بوعي جمعي أو إعلام أو غيره، فتجمعت بداخلنا لتظهر حكمها بقرار منا واختيار في تلك اللحظة لتكون الحد الفاصل.

اختياراتنا لسلام أرواحنا يبقى الخير دوماً بعيداً عن أي حكم لحد فاصل لأنه دوماً اختياري لذاتي بعيداً عن التأرجح بين هذا وذاك.