في منتصف العام الماضي، تم تشخيصي بالمرض الخبيث.

وحينما تلقّيتُ هذا الخبر أوّل مرة انتابني القلق والخوف والحزن معاً، وشدّتني مشاعر متناقضة في شتى الاتجاهات، وتسلّلتْ أسئلةٌ كثيرة لذهني، فالقلبُ يموج بي بجميع الجهات، والعقلُ يُطالبني بالثّبات والتمهّل والاتّزان.

تريّثتُ قليلاً - ولو أنه آنذاك كان القليل دهراً - حتّى يتلاشى ضباب الوسوسة وأعودُ لصوابي وأتّخذ القرار الصحيح.

من أُخبرُ أوّلاً؟ والديَّ؟ أبنائي؟ إخواني وأخواتي؟ رفيقاتي؟ زملائي؟ المسؤولين؟ وكيف أخبرهم؟ أين أذهب؟ ولمن أذهب؟ وماذا سيحدث للمشروعات والأهداف التي نسعى لتحقيقها؟ ومن سيعتني بأبنائي في غيابي؟

تلاشت كل هذه التساؤلات وانزاحت جميع الهموم المتراكمة في لقاء واحد جمعني بسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، في بداية مرضي فطمأنني وقال: «نحن كلنا وياج». هذه الكلمات كانت بمنزلة جرعة كبيرة من الطاقة الإيجابية التي مدّتني بالقوة والصبر والطمأنينة.

وفي منتصف العلاج، فوجئت بسموه يهاتفني ليطمئن عليّ، وفي هذه المرة قال لي: «كوني إيجابية، مع إني أقدر أقول من صوتج إنج إيجابية». هذا الاتّصال كان بمنزلة إعادة شحن وكان أيضاً تذكيراً بعدم الاستسلام والمُضيّ بثبات في مكافحة المرض وتلقي العلاج بكل هدوء وسكينة.

وقبل أيام عُدت لدبي مدة أسبوع حتى يتسنى لي أن أقضي بعض الوقت مع أبنائي، وأيضاً لأقوم بمتابعة بعض الأعمال وحضور بعض الاجتماعات قبل عودتي لإكمال الشوط الأخير من العلاج في الخارج، وذهبت للمكتب بعد غيابٍ دام 7 أشهر من دون أن أخبر الموظفين، وبينما كنت أحضِّر لاجتماعي، فوجئتُ بصوت سمو ولي العهد وبوجوده في المكتب!

هذه الزيارة المفاجئة والكريمة وتواصل سموّه المستمر مع فريق عمله ومتابعته وحرصه - ليس فقط على سير العمل وإنما أيضاً على سلامتنا وسعادتنا - إن دل ذلك على شي فإنما يدل على قائدٍ فذ ببصيرته، قريب بقلبه، عفويّ بحديثه، قوي بملاحظته، فطِن بأسلوبه، وإنسان بكله.

هكذا يُحيطنا قادتنا بلُطفهم وعنايتهم وحبّهم.

فمَن مثل فزاع؟