في فترة ما كنت أعطي رأيي بكل صراحة وبطريقة مباشرة، وأحياناً كانت هذه الصراحة بالنسبة للآخرين أمراً مبالغاً فيه، فينزعج منه البعض ويتأثر الآخر بشكل سلبي أحياناً. ومع الوقت بدأت ألاحظ أن الناس لا تحب أن تسمع الحقيقة كاملة أو حتى الرأي الآخر.لأن معظمهم يريد فقط أن يسمع ما يناسب مشاعره وتوقعاته.
وفي ذلك الوقت كل اعتقادي أن قول الحقيقة كاملة بلا أي رتوش أو تنقيح هو الأفضل للطرفين. لأن مفهومي ورأيي وما نشأت عليه، أن تجميل الحقائق أو ما يسمى بالمجاملة، نوع من أنواع النفاق الذي لا يناسب قيمي إطلاقاً.
لكن عندما زادت تجاربي بالحياة وتعلمت وزاد وعيي للأمور، تعلمت أن المجاملة ليست نفاقاً إن كانت حقيقة رأياً لكن بطريقة لبقة وبكلمات خفيفة على قلوب الآخرين، والأهم الأسلوب والتوقيت والمكان. فهي أساسيات مهمة لنجاح توضيح آرائنا.
لكن هنا نتوقف قليلاً، لنوضح أنه حتى هذه المجاملة لتكون حقيقة بعيدة عن النفاق، علينا أيضاً وضعها في قالب صحيح، فهي تصف فعلاً الحقيقة في ما نريد قوله، وتخفيف وجهة نظرنا إن كانت نقدية بطريقة محببة لقلب الآخر، وكما نقول وجهة نظرنا تبقى انعكاسنا الخاص بنا في الأمر لأنها مبنية على الكثير مما يعنينا نحن. أما الطرف الآخر فله الموقف فقط. لذلك فإن تلك الحقيقة (أو الرأي) لا نريدها أن تكون مثل طلقة الرصاص تودي بحياة الشخص أمامنا أو بشغفه أو حلمه أو حتى مشاعره الجيدة. لكن علينا أيضاً أن نكون واضحين لإيصال رأينا.
أخيراً، إن أمانة الرأي مهمة فحياديته لن تحرك ساكناً، لكن يبقى بداخلي وجهة نظر أنه أحياناً تحتم علينا مواقف صرامة الرأي ووضوحه عندما تكون لسلامة شخص أو ردعه عن طريق خاطئ أو حتى لهدف أسمى ليبقى دوماً بداخلنا ميزان دقيق جداً بين المجاملة والنفاق.