منذ صغري وأنا أحب المغامرات وتجربة التحديات، حتى وإن كنت أشعر بالخوف. لا أعلم هل كنت أتحدى خوفاً ما في داخلي، أم كنت فقط أريد أن أثبت لمن حولي أني لا أخاف؟.
مع مرور الوقت قمت بتجربة لعبة الـ«رولر كوستر»، أو ما نسميه «قطار الموت»؛ اللعبة التي اشتهرت بأنها من أكبر التحديات للجميع، لشدة انحداراتها وسرعتها، لكنني وقفت ورأيت وسمعت صرخات الركاب، وما زلت أقف هنا لتجربتها، وكان دوري بالفعل، وكنت في المقدمة في أول العربات، وبدأت العربة بالتحرك ببطء شديد، وكأنه الهدوء قبل العاصفة، ثم بدأت بالارتفاع شيئاً فشيئاً، لنصل إلى القمة بارتفاع كبير جداً وأمامي منحدر شديد وحاد، وكانت تلك اللحظة فارقة بالنسبة لي على نحو بالغ، فهي لحظة تحبس فيها الأنفاس، لتنزلق العربة على هذا المنحدر بكل سرعتها، وتبدأ المغامرة المثيرة بين انحدار وارتفاع، وكانت ثواني قليلة من ارتفاع الأدرينالين، وكان خط النهاية.
هنا، لم تكن تلك المغامرة مجرد لعبة، عندما ترجلت منها، تدبرت تلك الرحلة القصيرة بكل تفاصيلها ومشاعرها. أجل حياتنا أشبه كثيراً برحلة الـ«رولر كوستر». نمر بتلك المراحل، لكن يبقى خيارنا وقرارنا هو الفاصل: أن تبدأ رحلتك، وأن تعلم أنك ستواجه مجموعة من التحديات، وعليك تخطيها لتصل إلى هدفك، وأن تلك الطاقة الكامنة عند لحظة الانطلاق إلى المنحدر هي ما جعل الرحلة في أقوى طاقتها وسرعتها، واندفاعها إلى الوصول.
عندما كنت في الجامعة وطلب مني بناء نموذج للـ«رولر كوستر»، وأن نقوم بوضع الحسابات اللازمة، بحيث يعمل «الرولر كوستر»، وفق حسابات الفيزياء، كما يجب، فيبقى ثابتاً على مساره، بفعل عدة عوامل، منها الكتلة والجاذبية والارتفاع، وكيف لكل ذلك أن يساعد في تحقيق السرعة، التي ستبقي العربة على المسار، وتدور رأساً على عقب دون السقوط حتى وصولها إلى النهاية.
في البداية اعتقدت أن ذلك مستحيل، لكن مع التنفيذ وصلت للنتيجة، ونجحت التجربة، ووصلت تلك العربة الصغيرة إلى خط النهاية.
هكذا هي حياتنا «رولر كوستر»، يحتاج إلى شجاعتك للانطلاق، ويحتاج إلى ثباتك للاستمرار، ويحتاج إلى طاقتك الكامنة للمحافظة على المسار، وكل ذلك لتصل إلى الهدف في النهاية، وليس فقط أي وصول، لكنه وصول بإنجاز ومتعة وبهجة.