الأدب هو التعبير الصادق عن النفس البشرية، وهو التصوير الأمين عن حياة الملايين؛ النفسية، والفكرية والاجتماعية، الخ..
وما ذلك إلا أن النفس الإنسانية هي هي في كل زمان ومكان؛ بحاجاتها، وغرائزها، وهي دائبة على البحث عن صورتها المشرقة التي تخطها ريشة الفنان؛ أديباً، أو شاعراً، أو مصوراً! فالآداب لا تكون خالدةً إلا إذا كانت عالمية. لذلك فإنَّ النظرة إلى مفهوم «عالمية الأدب» تختلف من مثقف إلى آخر، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن العالمية هي: «المؤثرات الأجنبية التي تخضع لها الأعمال الأدبية»، يرى البعض أن العالمية هي: «هيمنة أدب معين على الآداب القومية الأخرى». أما النظرة المجردة والمنصفة فإنها تعني: انتشار عمل أدبي معين خارج حدوده اللغوية والقومية، ووصوله إلى مختلف بقاع العالم. ويشترط الروائي الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز في تحقق العالمية «وصول أفكارنا ومواقفنا وتأثيراتنا إلى قلوب الجماهير في العالم..»، ويقول حكيم مالك: «لن تفرض نفوذك عالميّاً بمحاكاتك إنجازاتِ غيرك، ولا بفوزك بالجائزة العالمية.. ولا بترجمة أعمالك إلى كل لغات الدنيا،... وإنما بانفرادك بشخصيتك وأسلوبك». وغير خافٍ على القارئ الكريم أنَّ المُفكريْنِ الفاضلين تجاوزا التعريف المجرد لمفهوم الأدب العالمي؛ إلى صيغة مخصوصة، تحفظ له شخصيته، وتصون كرامته، وتُبقي له هُويته. فلا يكفي في العالمية وثوب الجبال، وخوض البحار، ولا قطع الفيافي والصحار، من غير تعبيرٍ عن شخصية الأمة وهُويتها وثقافتها، وإلا كان انتشاراً بائساً، مقيتاً، باهتاً، عدمه خير منه. ومعلومٌ أنَّ القيم الجمالية في عمل من الأعمال تضمن استمراريته في الزمان وصيرورته في المكان. وما قلناه يقترب كثيراً مما قرره الناقد المغربي التعمرتي: «ما هو مستمر في الزمان والمكان، يثبت صدقيته»؛ بمعنى: توافره على مقومات جمالية تجعله يمتد في الزمن. ولا شيء يضمن ذلك غير الاستقلالية والخصوصية واحترام الذات!! وعلى ضوء ما تقدم فإن الأدب العربي الحديث لم يصل إلى العالمية إلا بمفهوم قاصر لدى بعض الكتاب!