لم تكن هي المرة الأولى، التي أعقد فيها هذا الاتفاق مع ذاتي، لأقوم بالجرد المنزلي لمقتنياتي.. مكتبي.. غرفتي.. الأشياء المتعلقة بي في أنحاء المنزل، ولكنني أكاد أجزم أنها كانت الأقوى.
لقد كان تحدياً مذهلاً على مدار أسبوع على غير العادة، ابتداء من خزانة الملابس المزدحمة، وانتهاء بخزانة الذكريات العتيقة، التي واراها الغبار عبر السنين، ومن هنا بدأت التساؤلات حول كل قطعة تلامسها يداي، وما إن كنت بحاجة إليها من عدمه واكتشافاتي المتكررة بحجم الكماليات، التي ملأت حياتنا دون أدنى شعور ونحن نجوب الأسواق والمراكز والمحلات ظناً منا بأننا نحتاج لهذا وذاك!
ولكن القصة لم تبدأ بعد، فالشخص الذي يكون قبل عملية الجرد والتخلي عن الكماليات ليس كمن هو بعده بتاتاً! وفي ما يلي كانت الثمرات السمان وراء كل ما تخليت عنه، وما يمكن أن تحصل عليه أنت أيضاً إذا أردت أن تتخلى:
أما الثمرة الأولى فقد كانت بالتحرر العميق من كل القيود القديمة والماضي الذي كلما تلقي نظرة عليه فتضطر للبكاء على الأطلال، ثم لا تجد مفراً من المشاعر السلبية، التي تؤذي بها نفسك ولكنك غنيّ عنها في حاضرك!
ثم تأتي الثمرة الثانية في أنك ستتمكن من وضع المزيد من الأهداف التي تتطلب إنجازاً ومساحة في ذهنك وحياتك وقلبك وحتى محيطك! ستتساءل عن العلاقة بين تخففك من الماديات وتحقيقك لأهدافك وأخبرك بأنها علاقة وطيدة جداً، فتخيل أنك تدخل إلى غرفة مليئة بالأدوات القديمة وفي ذهنك فكرة جديدة ترغب بتنفيذها، إلا أن ذلك سيكون صعباً ما لم تجد مساحة نظيفة وخالية، لتنفيذ فكرتك بكل بساطة.
وثمرتك الثالثة أن عينك لن ترى العالم بالنظرة السابقة نفسها، بل سيكون بتركيز أكثر عمقاً ودقة واهتماماً بالحياة واللحظة، التي تعيشها اليوم، بعد أن كنت مشتتاً بكل تلك المؤونة، التي ملأت غرفتك وحياتك الخاصة.
وفي رحلة تخليك عن الماديات، خذ هاتفك في طريقك.. الصور التي لها ماضٍ مؤلم.. الأرقام التي لم تطرقها أناملك، منذ أكثر من خمس سنوات وربما تغير أصحابها.. التطبيقات التي تحمّلها في هاتفك بلا داعٍ يذكر.. الأشخاص الذين تتابعهم في قنوات التواصل الاجتماعي، ولا تشعر بأي إضافة في حياتك بوجودهم والقائمة تطول بحسب ما يجب أن تتخلى عنه قارئي العزيز!
تلك بضع ثمرات رئيسية ستجنيها بعد تخليك عن حاجاتك، التي ظننت أنها ثمينة يوماً ما، ولكنها لم تعد تؤثر في حاضرك أو مستقبلك، وأردت أن أخبرك أيضاً بأنك ستشعر بمشاعر امتنان وخفة وسعادة ورغبة في التطور في حياتك دون العودة إلى الوراء، والأهم أن أهدافك ستتحقق أسرع من أي وقت مضى.
ستشعر حقاً بمعنى هذه الكلمات الثلاث: في التخلّي.. تجلٍّ!