في أول يوم من مباشرتي لعملي في وظيفتي قبل سنوات؛ تولدت لديّ مشاعر مضطربة ما بين رهبة المكان والأشخاص وفرحة الوظيفة الجديدة بعد سنوات التعليم الـ 5 على مقاعد الدراسة، علاوةً على أسئلة كثيرة حول مدى إمكانياتي في تقديم الواجبات والمسؤوليات الوظيفية التي سأقوم بها؛ وما إن كنت لأستطيع الإجابة عنها إلا بعد الانخراط الحقيقي في العمل.
وبدأت الرحلة الوظيفية التي أكاد أجزم بأنها تختلف من شخص لآخر باختلاف تجربته التي قرر خوضها بنفسه، فلا يتساوى القاعد في مقره ليقضي يوماً روتينياً بالموظف الذي يستثمر في مهاراته وعلمه ليبني خبرات جديدة قد تجعل منه إنساناً مختلفاً في غضون سنوات قليلة جداً، ولا يتساوى الموظف الخبير بحجم ممارسة مهنته، بآخر يمتلك خبرة تساوي مضيّ السنوات من عمره وكفى.
تصبح الوظيفة عظيمة حقاً عندما تجتمع عوامل عدة تشعل لديه روح الحماسة، ويترتب على ذلك يقظة الذهن في ساعات الليل المتأخرة ونبضات القلب المتسارعة، نتيجة تعب ممتع وترقب لنتائج العمل التي سعى لتحقيقها وقتاً طويلاً.
إن عظمة وظيفتك يمكن أن تتحقق بقرارٍ منك لأن كافة العوامل بيدك وحدك في رحلتك قبل كل شيء، وإليك أهمها: الشغف ويصل إليه الإنسان بمجرد رغبته في البحث عنه فيجد أن كل الظروف تتغير لصالحه بمجرد تحديد شغفه، والكثير من الناس مؤخراً أصبحوا يبحثون عن وظيفة موازية لشغفهم ليحققوا بذلك المكسب الأكبر عندما يكون الشغف هو مصدر الرزق في آن واحد.
وثانياً: الشعور بالانتماء تجاه العمل؛ لأنه مفتاحك الذي يجعلك تعطي برغبة ومحبة وسعادة، كما هو الحال في عطائك لعائلتك.
وثالثاً: المرونة في العمل وهي طريقك نحو الوصول إلى الوظيفة العظيمة بكل تأكيد، فلولا المرونة لما تجاوزت العثرات والتحديات ولما تعلمت مهارات الإبداع وحل المشكلات.
ورابعاً: الاستفادة القصوى من محيطك فلا يمكنك أن تحصل على الاستفادة القصوى إذا عملت بمنأى عن الآخرين سواء زملاءك، أقرانك، مجموعات التعلم؛ لأن الخبرة الوظيفية تكتسب من خلال الأفراد ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كنت جزءاً من فريق عمل سواء داخل القسم الذي تعمل به أو خارج نطاقه.
وخامساً اهتمامك بمهاراتك: هل تعتقد أنك ستصبح بهذا المستوى من المهارة لولا وجودك في جهة عمل ما؟ يمكننا أن نطور مهاراتنا، ولكنها تصبح أكثر تميزاً واحترافية عندما تصقلها بتطبيقها وتجربتها مع فرق العمل، فإذا أتيحت لك الفرصة لفعل ذلك، فتأكد حتماً أنك تعمل في وظيفة عظيمة.
وسادساً خدمتك للآخرين في كل الظروف سواء كان ضمن توصيفك الوظيفي أو لم يكن كذلك: بحسب نظرية «هرم التعلم» فإن أكثر خبرة يكتسبها الإنسان وأكبر عملية تعلم ممكن حدوثها عندما ننقل معرفتنا للآخرين وبنسبة 90% كحد أدنى.
وسابعاً سلوكك وتوجهاتك الإيجابية: هي أحد أهم مفاتيح الوصول إلى وظيفة عظيمة مهما كانت الظروف.
ولا تنسى، أن وظيفتك عظيمة، لأنك حصلت عليها مقارنة بمن لا يملكها، ولأنك وجدت فرصة الاستثمار في مهاراتك مقارنة بمن لا يحرك ساكناً، ولأنك تحقق سبباً هاماً من أسباب وجودك في هذه الأرض بتعميرك لها عبر وظيفة ما.