مشاعر غريبة يعيشها المرء في زمان ومكان ما على هذه الأرض يظن أنه الوحيد فيها ولا أحد يشعر به لعظم ما يشعر،

كيف سيكون شعورك وأنت تفقد أو تفتقد أحدهم؟ ويقيني عظيم بأن امرىء ما قد طرأ على ذهنك في هذه اللحظة، ولربما أكثر من شخص في نفس اللحظة.

تفتقد ابتسامته.. مواعظه.. ضحكاته وصراخه أيضاً.. تذمره وعتابه الذي كان يزعجك وحتى شكواه وصمته المعلن عند الغضب وتوبيخه اللامنتهي في كل يوم وليلة ثم حنانه الذي يغدق به عليك عندما مرضت يوماً ما وسؤاله الملح عن حالك وأخبارك عندما تغيب فترة من الزمن.

تفتقد نصائحها وطبطبة يديها على كتفك ومغامراتٍ لا تنتهي حتى يأتي اليوم التالي لتستمتع إلى مزيد منها، وتفتقد دندنة طفلك الذي ظن أنه قد كبر ولايزال طفلاً في عينيك رغم الشارب الذي زين وجهه، وتفتقد حديثاً طويلاً مع صديقك لا يقطعه سوى نادل يحضر لكما أكواب القهوة المفضلة، ضحكته وعتابه لأجلك ومقاطعته لك لنزاع نشب بينكما ثم العودة بشكل مضحك كما لو أن شيئاً لم يحدث.

تفتقد أرواحاً تشبهك، تمنيت لو أنّ العمر كله كانوا بجانبك ولكنها الأقدار تأخذ مجراها، تشعر أنك لوحدك من شدة ما فقدت.. تظن أن العالم كله خالٍ من كل شيء لعظم هذا الفقد.. تتمنى لو أنك تحتفظ بهم وقتاً أطول، تتذكر كل لحظة فتهيج المشاعر شوقاً وغبناً ثم ترضى، ثم تسترجع وتتذكر أن الفقد ليس بالضرورة أن يكون موتاً وغياباً وفراقاً، لأنك تفقد في كل لحظة من حياتك شيئاً دون أن تشعر، تفقد ثواني ودقائق وساعات فتصبح أياماً تسيل منك ولا تبالي، وأحياناً يصبح شغلك الشاغل أن تمسك هذا الشيء الغير محسوس بكلتا يديك خشية أحلام كثيرة تريد تحقيقها يوماً ما.

عن الفقد الذي نعيشه بين فينة وأخرى وعن الأشخاص الذين نشتاق لهم كلما مررنا بما يثير ذكراهم في قلوبنا وعن أنفسنا التي تتغير بتغير الوقت فنفتقدها بغية العودة لها دون إدراك منا، ودون وعي بأن ما نحن عليه هو الأفضل لا محال مادمنا نسعى ونرضى.

وأنت يا قارئي العزيز؛ أعلم أن شعوراً ما قد تحرك في قلبك وبيدك فعل الكثير تجاه ما تفتقد مثل أن تكتب رسالة،، تصدق ولو بدرهم، حدد موعداً للقاء، اتصل، أرسل هدية، ادع في ظهر الغيب وغيرها الكثير ثم ترقب النتيجة التي ستزيل دمعات قلبك لا محال.