رحل أول من أمس في مدينة اللاذقية الشاعر السوري (الرائد) على الجندي عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاما، ونُقل جثمانه إلى مسقط رأسه في السلمية، حيث شُيّع إلى مثواه الأخير.

وكان على الجندي قد وُلد في السلمية عام 1928، وحصل على إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق، وبدأت تجربته الشعرية بالظهور في خمسينات القرن الماضي، كتب في مجلة «شعر» وأصدر ديوانه الأول «الراية المنكسة» عام 1962 وثار على القصيدة العمودية، وبذلك انضم اسمه إلى قائمة الرواد المؤسسين لتجربة الحداثة الشعرية في سوريا.

إلى جانب ديوانه الأول أصدر إحدى عشر مجموعة شعرية هي: «الحمى الترابية»، «في البدء كان الصمت»، «قصائد موقوتة»، «البحر الأسود المتوسط»، «طرفة في مدار السرطان»، «النزف تحت الجلد»، «الرباعيات»، «بعيدا في الصمت، قريبا في النسيان»، «صار رمادا»، «سنونوة للضياء الأخير»، «الشمس وأصابع الموتى»، إضافة إلى مجموعة من الخواطر النثرية التي نٌشرت في الدوريات العربية، وفي عام 1999 صدرت أعماله الكاملة عن دار عطية ببيروت.

وفي قصائد الشاعر تندغم الهموم الذاتية الوجودية بالهم العام، فتأتي الصياغات مثقلة بالألم، وبالتضاد الحاد بين الواقع المشتهى والواقع المعاش بكل ما يعنيه ذلك من خذلان وانكسار وغربة، وتأتي الصور الشعرية مشحونة بالتوتر والانفعال، مزدحمة بالكلمات والأوصاف والكنايات، ممعنة في المجاز، تعتمد في بنائها العام على السرد والتداعي والاسترسال، فتنفتح على مشهدية غرائبية، يتسع فيها الزمان والمكان، ويقف وسطها الفرد وحيدا واعزلا في مواجهة الجموع، لا يملك سوى رفضه واحتجاجه المجنون.

دمشق - تهامة الجندي