قبل انقضاء شهر على تسلم باراك أوباما الرئاسة الأميركية، جرد عرابو سياسات العته التي نفذها الرئيس السابق جورج بوش، من المحافظين المتشددين، والصهاينة المسيحيين واليهود، القدامى منهم والجدد.. سيوفهم وانهالوا على أوباما نقداً وتجريحاً وهجوماً على النهج الذي بدأه، وتحذيراً من عواقبه على أميركا والأميركيين.

هذا المعسكر من مروجي أفكار صراع الأديان، وصراع الحضارات، وربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين، وتعميم تعابير «الإرهاب الإسلامي» و«الفاشيين الإسلاميين» و«الحرب العالمية ضد الإرهاب، ومن ليس معنا فيها، فهو ضدنا».. وجد في رسالة الرئيس أوباما للعرب والمسلمين، ومخاطبتهم فيها: أنه يريد فتح صفحة جديدة من العلاقة معهم تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، فرصة لينقضوا عليه تجريحاً وتهديماً وتشكيكاً. واتهامه بالتراجع عن الحرب ضد الإرهاب، وانه يتملق العرب والمسلمين.

بعض من حملة الهجوم وبداية خلق المتاعب لأوباما: ما قاله «سي كاب» أشهر المعلقين اليمينيين عن رسالة أوباما: «إنها خطوة تثير القلق العميق، عندما يظهر الرئيس الجديد بمظهر الاعتذار من المسلمين عن سياسات الولايات المتحدة» وما قاله المحلل الاستراتيجي للحزب الجمهوري «برادلي بليكمان»: «لقد ظهر الرئيس أوباما متملقاً للمسلمين».

أما المعلق التلفزيوني الشهير «رش ليمبو» وهو من أبرز المحافظين الجدد فقد قال: «أتمنى للرئيس أوباما أن يفشل في مهمته». وهي مهمة تحسين صورة الولايات المتحدة في الخارج، خصوصاً عند العرب والمسلمين. ومن المنتقدين «روبرت سانلوف» رئيس «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى». وهو أهم معاقل المؤيدين لليمين الإسرائيلي في واشنطن.

فقد عاب على أوباما تكراره كلمة المسلمين 11 مرة «!!» في مقابلته التلفزيونية التي خاطب فيها العرب والمسلمين، وعاب عليه أن يتحدث للمسلمين كأمة واحدة، وقال إن ما أبداه أوباما سيعتبره المتشددون المسلمون نصراً لهم. وعاب عليه أن يوجه رسالته عبر فضائية عربية، وقال: كان الأجدر بأوباما أن يوجهها عبر فضائية «الحرة» الممولة من الحكومة الأميركية.

ديك تشيني، انتقد أوباما وهاجمه قائلاً: «هناك احتمال كبير بان تتعرض الولايات المتحدة تحت قيادة أوباما لهجوم من الإرهابيين، بسلاح نووي أو بيولوجي، خلال السنوات القليلة. يروح ضحاياه مئات الآلاف».

وأصر تشيني على عدم الاعتراف بالخراب والدمار والضرر الذي أدت إليه سياسته مع الرئيس بوش في الحرب ضد الإرهاب. وقال مدافعاً عن أساليب التعذيب وانتهاك أبسط حقوق الإنسان، التي أمر أوباما بمنعها: إن الحرب ضد الإرهاب فيها «عمل صعب وقاسٍ وقذر.. وإن أميركا لا تريد أن يحبها الآخرون، بل أن يحترموها» أي أن يخافوها.

مصدر القلق عند هذا المعسكر، الذي لا يستهان بدوره وتأثيره في الحياة السياسية الأميركية، وتعبئة الرأي العام الأميركي، أن الرئيس أوباما بقراره إغلاق معتقل غوانتانامو، ومنع أساليب التعذيب في استجواب المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب، وتجنب استخدام تعبير «الحرب ضد الإرهاب» وقوله بدلاً منه «إن أمامنا معركة أو حرباً ضد بعض المنظمات الإرهابية، وهذه المنظمات لا تمثل المجتمع العربي أو الإسلامي الأوسع نطاقاً» تراجع عن الحرب ضد الإرهاب. التي تقودها الولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع إسرائيل!!

لكن ما يذكر، أن رسالة أوباما للعرب والمسلمين قوبلت بالترحيب من العقلانيين والحكماء الأميركيين وهم من المسؤولين السابقين الكبار، والمفكرين الذين حذروا من أن استعداء العرب والمسلمين طريق يؤدي إلى نتائج وعواقب كارثية على الجانبين. ومع ذلك فان حملة خلق المتاعب لأوباما لا تزال في بدايتها. للحفاظ على الادعاء المضلل وترسيخ أن العرب والمسلمين مصدر العداء والكراهية للغرب.